والكلم هكذا تنتظم بحروفها، فيطلع حرف من مخرجه ويغيب ويطلع آخر، فيتحصّل من ذلك أن القُرء من الأسماء المشتركة.
وقد صح عندنا أن الاسم المشتركَ كالجون الذي يطلق على الضوء والظلمة في أصل الوضع موضوعٌ للغلس ووقت اختلاط الظلام بالضياء، ثم قد يميل العرب إلى أحد طرفي الجَوْن فتسمّي الضوءَ جوناً، وكذلك القول في الطرف الآخر، فالقرء جرى بين طوري المرأة في الطهر والحيض، فمال بعض العرب إلى طرفٍ، والبعضُ إلى الطرف الآخر.
ومن علوّ قدر الشافعي رضي الله عنه أنه لم يتعلق في هذه المسألة باللغة لمّا رأى أصولَها متفاوتة، واعتقد أنه من الأسماء المشتركة، وطلب متعلّقاً من الشريعة، فاستمسك بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، وإليه أشار المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر؛ إذ قال: " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " (?)، ثم إذا استقبلت ذاتُ الأقراء العدة، فلا شك أنها معتدة في زمان الطهر والحيض، ولكن أجمع العلماء على أن الاعتداد يقع بأحد الطورين، وهو المقصود، والآخر لا بد منه؛ فإن حكم العدة لا [يتقطّع] (?)، ثم رأى الشافعي [الاحتساب] (?) في العدة [بالوقت] (?) الذي تتهيأ المرأة فيه للاستمتاع في النكاح.
9766 - هذا بيان مذهب الشافعي، وله قولٌ في القديم صح النقل فيه أن القرء هو الانتقال، ثم قال: الانتقال من الحيض إلى الطهر في اللغة كالانتقال من الطهر إلى الحيض، ولكن الشرع خصص القرء بالانتقال من الطهر إلى الحيض، ويظهر أثر هذا القول في التفريع، ثم أول حكم نبتديه تفصيل القول في الأقراء.