ويجوز أن يُحمل ثبوتُ الصغر على أمرٍ يتعلق بالسن، وتاريخ الولادة، فيرجع ذلك إلى الإثبات، والأصل حمل شهادة الشهود على الصحة، فإذا تعارضت بينتان في الصغر والكبر، على التأويل الذي ذكرناه، والوقت متعيَّنٌ باتفاق القاذف والمقذوف، فإن حكمنا بتهاتر البينتين، فلا كلام، فإن رأينا استعمال البينتين ففي الاستعمال في غير هذا الموضع أقوال، وقد زعم الأصحاب أنه لا يجري هاهنا إلا قولُ القرعة.
والذي أراه وقد تلقيتُه من مرامز كلام المحققين أن قول الاستعمال لا جريان له في العقوبات، وكما يتعطل قول الوقف، وقولُ القسمة، يتعطل قول القرعة أيضاً؛ لامتناع إقامة عقوبة لقرعةٍ وِفاقيّة، فلا وجه إلا المصير إلى التهاتر.
9743 - قال: " ولو شهد عليه شاهدان أنه قذفهما وقذف امرأته ... إلى آخره " (?).
إذا شهد شاهدٌ أنّ فلاناً قذفني وقذف فلاناً، فقوله مردود فيما يتعلق به؛ فإن شهادة الإنسان لنفسه مردودة، فأما شهادته على قذفه لغيره، فهي مقبولة لو تجرّدت، ولكنها أتت مقترنةً بشهادته لنفسه، فالذي صار إليه الجمهور ردُّ الشهادة للغير أيضاًً؛ لأنه بذكره قَذْفَ نفسه أقام نفسه خصماً وعدوّاً، وشهادة الخصم والعدو مردودة.
ولو قال الشاهد: قذف زوجتي وفلاناً، أو قال: أشهد أنه قذف أمي وفلاناً، فشهادته لأمه غير مقبولة، وهل تقبل شهادته لغيرها والشهادتان مذكورتان في قَرَنٍ.
هذا مما تردد فيه الأصحاب أيضاًً، على ما سينتظم المذهب بعد إرسال المسائل.
فأما شهادة الرجل بقذف زوجته، فيبتني أولاً على شهادة الزوج هل تقبل لزوجته؟ وفيه اختلاف قولٍ، سيأتي في الشهادات، إن شاء الله.
فإن قبلنا شهادة الزوج لزوجته، فهل تقبل شهادته بقذفها؟ اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: إنها مقبولة، كما لو شهد لها بقصاص، أو [مال] (?).