الأيمان لا تقبل هذا الفن من التصرف، فلا يختلف الأمر بالرضا ونقيضه.
فإنه لو ادّعى على رجلٍ واحد أقوامٌ حقوقاً، وزعموا أنا رضينا بأن يحلف يميناً واحداً، فهذا يخالف نظم الشريعة وترتيبَها في فصل الخصومات، فلا عهد بيمين ينفي قصاصاً ومالاً وحدَّ قذف، ونفرض أيضاً يمين الرد، فيقع التعرض لإثبات حق، وهذا مما لا سبيل إليه.
وكل خصومة تنفرد بيمينها عن الأخرى، بل الخصومات لا تقام على الازدحام، ولا يُصغي القاضي إلى دعوى قبل فصل الدعوى الأولى. وإذا لم تنتظم الدعاوى، كيف يفرض عرض اليمين من الجميع؟ نعم، إذا سبقت واحدة في مسألتنا بالدعوى، واتفق أن الزوج أجرى ذكرها في اللعان، انصرف إليها، والخصومات الأخرى باقية، والدعاوى السابقة باطلة والرضا مضمحلّ، فلتدّع بعد الأولى من تدّعي بقرعة، أو رضاً بتقديمها.
هذا ما نراه بالجملة، والقول في اللعان كالقول في الأيمان مع تعدد الخصوم والحقوق، فإن كان في رأي الناظر التفاتٌ إلى إشكال في تعدد الأيْمان، ففيما ذكرناه مَقْنَع.
وإذا انتهينا إلى كتاب الدعاوى، وبيّنا أحكام الأيمان، ومنازلَ الحُجج والبيّنات، لاح الغرض من هذا، وقد نقول ثَمّ: لا يشهد شاهد في خصومتين بلفظةٍ واحدة، وإذا أحلنا مشكلةً على كتاب، فليُنتظر إلى الانتهاء إلى ذلك الكتاب.
هذا تفريعٌ على تعدد الحد في اللعان.
9715 - فأما إذا قلنا: لا يتعدد الحد، فهل يتعدد اللعان؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يتعدد، فليلتعن في حق كل واحدة منهن، وهذا هو المذهب الظاهر؛ لأن الحد، وإن كان متحداً، فالخصومات متعددة بتعدد الخصوم، وإذا تعددت الخصومات، فليتعدد أيمانها.
والوجه الثاني - أنه يكفيه لعان واحد في حقوقهن، فيذكرهن ويسمّيهن في حكم اللعان، ويحصل الغرض في حق كل واحدة منهن.