صورة المسألة أن يقذف الزوج زوجته، فيقولَ لها: يا زانية، فتعارضه المرأة، وتقول: بل أنت زانٍ، فقد قذف كل واحد منهما صاحبَه، وقولُ المرأة: بل أنت زانٍ، لا يتضمن اعترافاً بالزنا؛ فإنّ (بل) معناه ردّ لما سبق، واستئنافُ الكلام بعده، ثم لا يكاد يخفى حكم القذفين: أما قذفُها، فموجبه حد القذف عليها، ولا يدرؤه إلا بيِّنةٌ تقوم على زناه، أو اعترافُه، أو انخرامُ الحصانة والعفة.
وأما موجَب قذفه، فالحد، ولكن يدرؤه اللعان، فإن لم يلتعن، حُدّ كل واحد منهما لصاحبه.
وليس حدُّ القذف مما يخَيّل فيه السقوط بالتقاصّ، وإن استوى القدْران، والسبب فيه شيئان: أحدهما - أن حد القذف لا يقبل المقابلة بالعوض، والمقاصّةُ باب من المعاوضة، والثاني - التماثل لا يتحقق؛ فإن الجلدات لا تتأتى رعاية التماثل فيها؛ فإن الضربات تتفاوت في أنفسها وتتفاوت. مواقعها في الأبدان، على تفاوت القوى والضعف، والتقاصّ إنما يجري بين المتماثلين.
قال أبو حنيفة (?): [كل] (?) شخصين تماثلا لم يُحدّ واحدٌ منهما وعلّل، فقال: إني أستقبح أَنْ أَحُدَّ كلَّ واحدٍ منهما بصاحبه. قال الشافعي رضي الله عنه: أقبح من ذلك تعطيل حدٍّ من حدود الله، وهذا لا يليق بأصل أبي حنيفة مع مصيره إلى أن حدّ القذف يجب لله تعالى.
9713 - ثم قال " لو قذفها وأجنبيةً بكلمةٍ ... إلى آخره " (?).
إذا قذف زوجته وأجنبيةً بكلمة واحدة، ففي تعدد الحد قولان مرتبان على القولين فيه إذا قذف أجنبيتين أو زوجتين، وهذه الصورة أولى بالتعدد، لاختلاف أثر القذف الذي يُفرض مضافاً إلى الزوجة والأجنبية، ثم إذا فرعنا على التعدد، فَلاعَنَ، سقط حد المرأة، وبقي [حدُّ الأجنبية] (?).