الدم، أما الحيض، فلم يُعهد لحظة واحدة، ولا ساعة.
449 - والذي أختاره، ولا أرى العدول عنه، الاكتفاء بما استقر عليه مذاهب الماضين من أئمتنا في الأقل والأكثر؛ فإنا لو فتحنا باب اتباع الوجود في كل ما يُحدَّث به، وأخذنا في تغيير ما تمهّد تقليلاً وتكثيراً، لاختلطت الأبواب، وظهر الخبط والاضطراب، ولزم ألا يمتنع بلوغ الحيض عشرين، ورجوع الطهر إلى عشرة، وانحطاط الأقل إلى ساعة، ثم يجب طرد هذا (?) المسلك في الأمور التي يُتبع الوجودُ فيها، حتى لا يمتنع نقصان أقل مدة الحمل عن ستة أشهر، وزيادة أكثره على أربع سنين.
فالوجه أن نتبع ما تقرر للعلماء الباحثين قبلنا؛ فإن الغالب على الظن أن ما لم يصح في أعصارهم مع اختلاف خِلَق الخلائق، وتباين الطباع، يندر وقوعه في أعصارنا، وليس دم الفساد نادرَ الوقوع، فلسنا نبغي أمراً مقطوعاًً به، فإنه مُعوز فيما نحن فيه، فالوجه الانتهاء إلى أقل ما نقل، وإلى أما صح في طرفي الأقل والأكثر.
وقد أجمع الأئمة على أن المرأة إذا كانت تحيض يوماً وتطهر يوماً على الاستمرار، فلا تجعل كل نقاء طُهراً كاملاً، على ما سيأتي ذلك مشروحاً في بابه إن شاء الله تعالى.
450 - ومن الأصول التي يتعين الاسترواح إليه فيما دفعنا إليه، ما رُوي أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة النسوان " ناقصات عقل ودين، قيل له: ما نقصان دينهن؟ فقال: تجلس إحداهن شطر عمرها لا تصوم ولا تصلي " (?).
فكان قولُ النبي عليه السلام مشيراً إلى ذكر أقصى زمان يُتصور منهن القعود عن وظائف العبادات فيه. فليتخذ المرء ذلك مرجعه في هذا الطرف، وليردّ نظره إلى طرف الأقل، وفيما نبّه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان أقل الطهر أيضاً.
ثم يبعد عندي فرض طريان الحيض في رمضان ليلاً، مع انقطاعه قبل الفجر في