أراد بهذا الرد على مالك (?)؛ فإنه قال: يختص اللعان ببعض صيغ القذف، وأجرى الشافعي هذا على الرّمي المطلق المذكور في كتاب الله تعالى من غير اختصاص.
ثم إنا نذكر بعد هذا أصلين يتعين على الناظر الاهتمامُ بهما؛ فإنهما يجريان من الكتاب مجرى الأُسّ والقاعدة: أحدهما - يشتمل على بيان اللعان حيث يجوز التسبب إليه ولا ولد.
والآخر - يشتمل على ذكر التسبب إلى اللعان وثَمَّ ولد يريد الزوج نفيه.
9619 - فأما إذا لم يكن ولد، فالغرض أن نبيّن أنه متى يجوز للزوج أن يقذف ليلاعن، ومتى يحرم عليه ذلك.
فنقول: إذا رآها تزني، فلا شك أن له أن يقذفَها ويلتعن، وكذلك لو سمع رؤيةَ الفاحشة ممن يثق به -سواء كان من أهل الشهادة أو لم يكن إذا كان موثوقاً به- فله التعويلُ عند حصول الثقة على قوله المجرد.
ولو استفاض في الناس أن فلاناً يزني بفلانة، واتفق أنه رآه معها في الدار، فاجتمعت الاستفاضة والرؤية في الدار على ريبةٍ، فاجتماعهما بمثابة السماع من موثوق به [يخبر عن] (?) معاينة الفاحشة.
والاستفاضة التي أطلقناها أردنا بها أن يلهج الناس بذلك، وليس فيهم من يخبر عن عِيان نفسه، ولو ثبتت الاستفاضة، ولم يُرَ معها على ريبة، فلا يجوز له أن يعوّل على مجرّد ذلك؛ فإنهم قد يلهجون بكلام مستنده سماعٌ من كاذب، ولو تجرّدت رؤيتُه الذي معها في الدار، فلا يجوز له أن يعوّل على ذلك؛ فإن هذا قد يكون ابتداءَ الأمر، وربما كان الرجل طالبها وهي أبيّة.
هذا ما ذكره العراقيون، والقاضي رحمه الله.