9615 - ومما يُجريه العلماء في ذكر حقيقةِ اللعان أن أصحاب أبي حنيفة يدّعون أن اللعان شهادة، وأصحابُنا يقولون: اللعان يمين، والمنصف من أصحابنا يقول: في اللعان شَوْب اليمين والشهادة، فأما شوب اليمين، فأصدق شاهد فيه صَدَرُ اللعان عمّن هو في مقام الخصومة وهو يحاول تصديق نفسه، ولا يتصور هذا في مساق الشهادات، ثم يثبت في اللعان من أحكام الشهادة قضيةٌ واحدة، وهي أن الزوج إذا لم يلتعن، ونكل، ثم رغب فأراد اللعان، فله ذلك، كما لو لم يُقم المدّعي ببينة، ثم أراد إقامتَها، وليس كاليمين في هذه القضية، فإن من نكل عن اليمين، ثم رغب
فيها، لم يُمكَّن من الحلف.
فصل
قال: " وفي ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطلب المقذوفةُ حقها ... إلى آخره " (?).
9616 - الزوج إذا أراد أن يلتعن، فلا يخلو: إما أن يكون ثَمّ ولد يُريد أن ينفيه، وإما أن لا يكون، فإن لم يكن له ولد، نظر: فإن كان القذف يوجب حداً على الزوج لو لم يلتعن، فله أن يلتعن وتنتفي العقوبةُ، ثم تثبتُ سائرُ قضايا اللعان، كما ذكرنا جُمْلَها، وسيأتي تفصيلها.
وإن كان موجب القذف التعزير، فسيأتي ذلك مشروحاً، إن شاء الله.
وإن كان لا تتوجه العقوبة عليه بسبب عفوها، أو تصديقها إياه، أو بسبب قيام البيّنة على زناها، فلو أراد أن يلتعن والحالةُ هذه، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - ليس له ذلك؛ إذ لا ولد، ولا عقوبة، فإن أراد الخلاص منها، فالطلاق ممكن.
والوجه الثاني - له أن يلاعَن؛ ليردّ العار (?) عليها؛ مجازياً إياها؛ إذ لطخت فراشه.