وذكر القاضي هذا الوجهَ، ولم يذكر غيره، وذكر صاحب التقريب وجهين: أصحهما - أن الغُلمةَ لا تكون عذراً؛ فإن الليالي متخللة، وفيها مقنع ومندوحة، وقصة الأعرابي مشكلةٌ مِنْ وجوهٍ، تعرضنا لها في كتاب الصيام.
وقد أجمع الأصحاب على أن فرط الشَّبَق لا يرخِّص في الفطر في رمضان، وإنما هذا التردد في الانتقال إلى الإطعام، ولعل من قال ذلك اعتلّ بطول مدة الامتناع نهاراً عنها، وهذا ينقضه طولُ مدةِ رمضان، وما أوضحناه من تخلل الليالي يُبطل هذا الخيال.
وقد انتجز القول في العجز المعتبر للانتقال من الصيام إلى الإطعام.
فصل
قال: "ولا يُجزئه أقلُّ من ستين مسكيناً، كل مسكين مداً ... إلى آخره" (?).
9610 - القول في ذلك يتعلق بالمخرَج والمخرَج إليه، فأما المخرَج، فالكلام في مقداره وجنسِه، أما المقدارُ، فستون مُدّاً، وأما الجنسُ، فالقول فيه كالقول في صدقة الفطر.
أما المخرَج إليه، فالكلام في عددهم، وصفتهم، فأما العدد، فليكونوا ستين، ولا ينقص حصة كلِّ واحدٍ عن مُدّ، فلو صرف أمداداً إلى مسكين في أيامٍ؛ صائراً إلى إقامة سدِّ الجَوْعاتِ في الشخص الواحد مقامَ أعداد المساكين، لم يجز، خلافاً لأبي حنيفة (?).
وأما صفتهم فليكونوا مساكين، بحيث يجوز للمكفر صرفُ الزكاة إليهم، ولا يجزىء التغذيةُ والتعشيةُ؛ إذ لا تمليك فيها، والتمليك مرعيٌّ عندنا في إخراج الكفارة، كما نرعاه في إخراج الزكاة. ولو أحضر الطعام، وقد شهد ستون مسكيناً فقال: خذوه، فأخذوه وجَهِلْنا مقدارَ ما أخذه كلُّ واحد منهم، واستبهم الأمرُ، فلا