فما يكفر بجحده يصير الكافر المخالف به مؤمناً بعقده.
ثم التصديق لا يتبعض، فإن صدق وراء ذلك بالجميع، فهو وافٍ بعقده، وإن كذب في غير ما صدق به، فهو مرتد.
ومَنْ شرط من أصحابنا الشهادتين اختلفوا في أنا هل نشترط التبرِّي من كل ملة تخالف ملة الإسلام، فمنهم من قال: لا يشترط ذلك، وهو الأصح الذي لا يسوغ غيره؛ فإن عماد الشرع الاكتفاء بالشهادتين، وعليه تدلّ الأخبار والآثار.
ومنهم من قال: يشترط التبري، وبضم هذه الكلمة إلى الشهادتين يصير الكلام جامعاً.
هذا بيان ما يظهر الإسلام.
9561 - والأخرس يشير بالإسلام، فيحكم له به، والشاهد فيه الخبر، ثم النظر، أما الخبر فحديث الخرساء وهو مشهور.
والنظرُ: اعتبار (?) الإسلام بسائر العقود؛ فإن إشارات الأخرس قائمة مقام عبارات الناطقين، وأبعد بعض أصحابنا؛ فشرط أن يضم إلى الإشارة إقامةَ صلاة، وهذا بعيد لا أصل له.
وقال بعض من يُحوِّم على التحقيق: إنما لا يحصل الإسلام بإشارة الأخرس؛ لأن الإشارة فيه تُناقِض ما يجب عقدُه في أوصاف الإلهية؛ إذ الإشارة لا تتم إلا بالإيماء إلى جهة، وما يُومأ إليه جسم، فإن قال قائل كيف تستجيزون ذكر هذا وحديث الخرساء (?) في الصحيح؟ قلنا: ذاك حديث مؤوّل باتفاقِ من عليه معوّل؛ فإن فيه أنه قال لها: "أين الله" وكل حديث يقضي العقلُ بإزالة ظاهره، فلا حجة فيه.
...