بين أن يعلّق العتق عن الظهار على وطء أو دخول دارٍ.
ولكن الوجه عندنا القطعُ بانصراف العتق إلى الظهار إذا كان الظهار مقدماً على التعليق والإيلاء؛ فإن من يعلِّق عتقاً بصفة ليس يلتزم أمراً، وإنما يوقعه عند وجود الصفة، فإذا وُجد متعلَّق العتق، جُعل ذلك بمثابة إنشاء العتق عند وجود الصفة، فلا معنى لقول من يقول: تأدى بالعتق حقٌ غيرُ الكفارة؛ فإنه لا حق يُتخيل (?). نعم، قد يعترض بعد تزييف هذا الوجه أن الأمر إذا كان كذلك، فالمولي ليس يلتزم بالوطء شيئاً، والجواب عنه أنه التزم إيقاعَ ما عليه، أو تعجيلَ ما ليس متضيقاً (?)، ولا يمتنع تعجيله، وإذا استدّ النظر في ذلك، تبين للناظر أن المعجّل هو المستحق في الكفارة، والتعجيل متعلّق الإيلاء، وإنما يمتنع انصراف العتق إلى الكفارة إذا كان في عينه استحقاقٌ من وجه، وهذا بمثابة تعليل الأصحاب امتناعَ صرف عتق المكاتب إلى الكفارة؛ فإنه مستحَقٌ للمكاتب على مقابلة عوض، فامتنع وقوعه على حكم الكتابة منصرفاً إلى الكفارة.
فإن قيل: هلا قلتم: يصح تعليق العتق فيه إذا قال: عبدي هذا حر عن ظهاري إن تظهرت؛ فإن التعليق صادف ملك المعلِّق، والعتق قابل للتعليق، فالوقوع مرتب على الوجوب، وهلا كان هذا كما لو قال للحائض: أنت طالق للسُّنة، وهو لا يملك الطلاق السني تنجيزاً، ولكن يكفي كونُه مالكاً للطلاق في تصحيح تعليق الطلاق السُّني؟ قلنا: السيد وإن كان مالكاً لعتق عبده، فليس يملك تأديةَ الكفارة (?)، فوقع التعليق عن الظهار تصرُّفاً في تأدية ما لا يملك تأديته، ووقع من وجهٍ تصرفاً في الملك، فمن حيث كان تصرفاً في الملك، نفذ العتقُ، ومن حيث إنه تصرف في تأدية دينٍ لا يجب ولا يملك تأديته لم يقع عن تلك الجهة؛ فإن من لا يملك شيئاً لا يملك التصرف فيه.