وفيه وجه بعيد أنه يُنَوّى؛ فإنه ربما يستعار الافتضاض، في استفتاح الأمور، والتديينُ يُكتفى فيه بأدنى إمكانٍ في الاحتمال.

9392 - فأما القسم الثاني، فهو ما يكون صريحاً ظاهراً، ويتطرق التديين إليه، وهذا ينقسم: فمنه ما يكون صريحاً قولاً واحداً، ومنه ما اختلف القول فيه، (1 فأما ما لم يختلف القول فيه 1) فقد اختلف فيه جواب الأئمة بعد الاتفاق على أن الجماع صريح قولاً واحداً، وكان شيخي لا يقطع القولَ إلا في الجماع، وقال صاحب التقريب: الجماع والوطء صريحاًن قولاً واحداً، وقال الشيخ أبو علي: الجماع والوطء والإصابة صرائح في ظاهر الحكم قولاً واحداً، وهذا ما ذكر العراقيون، والقطع في لفظ الإصابة بعيد، وإلحاق الوطء بالجماع غيرُ بعيد.

فهذا بيان الأجوبة فيما يتحد القول فيه.

فأما ما اختلف القول فيه، فالمباشرةُ، والملامسة، والمماسَّة، والمباضعة، فهذه الألفاظ -وما يصدرُ منها- فيها قولان: أحدهما - أنها صرائح كالجماع. والثاني - أنها كناياتٌ بخلاف الجماع؛ فإن لفظ الجماع شائع في الاستعمال، حتى لا يتمارى السامع في معناه. وهذه الألفاظ التي ذكرناها لا تُستعمل استعمال الجماع، ومن لم يؤثر ذكرَ الجماع، عدل إلى لفظةٍ من هذه الألفاظ، وهذا يوضح أنها ليست في منزلة الجماع.

قال صاحب التقريب: الألفاظ الدائرة في الشريعة التي اختلف المفسرون في معناها، فحملها بعضهم على الجسّ، وحملها آخرون على الجماع، اختلف القول فيها حسب اختلاف علماء التفسير.

وهذا الذي ذكره ليس بحدٍّ عليه معوّل، والأصل في الباب أن المعنى المطلوب في ذلك (?) وضَعَ اللسانُ فيه الكنايةَ؛ فإن أرباب المروءات يأنفون من الألفاظ الموضوعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015