هذا ذكره المزني واختاره لنفسه، وله عبارات في اختياراته: تارةً يفرط ويسرف ويقول بعد النقل: "هذا ليس بشيء"، وما كان كذلك، فهو من مفرداته. وكلامُه مشعر بمجانبته مذهبَ الشافعي فيما نقله وأخْذِه في مأخذٍ آخر، فلا يعد مذهبُه تخريجاً.
وتارة يقول: قياس الشافعى خلافُ ما نقلته، فإذا قال ذلك، فالأوجه عدُّ ما يذكره قولاً مخرجاً للشافعي.
وإذا لم يتصرف على قياسه، وقال: الأشبه عندي، كان لفظه متردداً بين التصرف على قياس الشافعي مَصيراً إلى أن المعنيّ بقوله هذا أشبهُ: [أي] (?) هذا أشبهُ بمذهب الشافعي، ويجوز أن يقال: "هذا أشبه" معناه أشبهُ بالحق ومسلك الظن، ولم أر أحداً من أصحابنا يَعُدّ اختيار المزنى فى هذه المسألة قولاً معدوداً من المذهب مخرجاً.
وما ذكره متجه على القياس جداً؛ فإن الردة إذا زالت قبل انقضاء مدة العدة، تبيّنا أن النكاح لم ينخرم، وأن الملك لم يزُل أصلاً، وما مضى كنا نحسَبه من العدة، ثم تبينّا أنها لم تخض في العدة، بخلاف الرجعية إذا ارتجعها زوجها؛ فإن العدة تنقطع ولا نتبين أنها لم تخض في العدة، والإشكال يتأكد بأن الإحرام مع أنه يمنع من ابتداء النكاح لا يمنع من الرجعة على النص والمذهب المعتمد، فكان يتجه تخريج الرجعة على الوقف، وليست الرجعية بعيدة عن التفريع على الوقف فيما نحن فيه.
ولا خلاف أن المرتدة إذا طُلقت، ثم زالت الردة قبل انقضاء أمد العدة، فالطلاق واقع، وهذا متفق عليه.
9374 - والذي يمكن توجيه النصّ به أن الرّدة إذا تمادت حتى انقضت العدة،
وقعت البينونة تبيُّناً مع أول جزء من الردة، ووقع التمادي بعد البينونة، فلا يقع التمادي شرطاً في وقوع البينونة، فإن الشرط لا يتأخر عن المشروط، ويتحقق بذلك أن الردة تمنع الإقدام على الاستحلال ابتداء، ولو فرض زوالها، فهي محتَمَلةٌ في دوام