على وقت انقضاء مدة العدة، فكان ذلك شبيهاً بدعوى الوكيل بعد العزل، أما إذا وقع الوفاق على لفظ الرجعة، ووقتِه، فقول المرأة: "قد كانت عدتي منقضيةً قبلُ"، ليس إنشاءَ أمرٍ منها ولا إخباراً بإنشاء أمرٍ فيما سبق، بل أخبرت عما رأت قبلُ، وهي مؤتمنة فيما تُخبر عنه؛ إذ لا مطّلع عليه إلا من جهتها، وهذا المعنى الموجب لتصديقها يستوي فيه الصور كلُّها، وهذا حسن بالغ، ومقتضاه أن [نغلّب] (?) َ في الصورة الأولى تصديقَها كما مضى، ونغلبَ في هذه الصورة تصديقَها، وهذا بعينه هو الوجه الذي حكاه العراقيون عن أبي العباس بن سريج، وأي إسحاق، وما ذكرناه تنبيهٌ على وجه التوجيه فيه.
وقد نجزت مسألتان في هذا الفصل.
9363 - المسألة الثالثة: ألا يقع التعرض لوقت الرّجعة، ولا لوقت انقضاء العدة، ولكن يقول الزوج: راجعتك قبل انقضاء العدة، وتقول المرأة: بل انقضت عدتي قبل الرّجعة. كان شيخي فيما سمعتُه، وبلّغنيه عنه بعضُ الأثبات يذكر وجهين في هذه الصورة: أحدهما - أن القول قول الزوج؛ تغليباً لاستبقاء النكاح.
والثاني - أن القول قول المرأة؛ تغليباً لائتمانها وتصديقها فيما لا مطّلَع عليه إلا من جهتها، بخلاف الرّجعة؛ فإنه يُتصور الإشهاد عليها والإشعار بها.
قال ابن سريج: إذا تعارض أصلان، فالتحريم أغلب، وظهر هاهنا اعتبار المبادرة إلى الدعوى، فمن سبق، فهو المصدّق، ومن [لا] (?) يعتبر المسابقة يفرض صدور اللفظين معاً، ويذكر الوجهين، كما قدّمنا.
وفي فصل المسابقة والتفريع عليه مزيد شرح لا يتأتى ذكره هاهنا، فإن اختلج في نفس الطالب شيء، فصبراً حتى ينتهي إليه.
وقد نجز فصلٌ واحد من الفصول الثلاثة الموعودة.