لا يُشترط، خرّج القاضي عليه ما ذكره الأصحاب من أن المحرم يرتجع زوجته المطلّقة وإن كان لا ينكِح ابتداء.
وذهب شرذمة من الأصحاب إلى أن المُحْرِم لا يصح منه الرجعة.
قال القاضي: هذا الخلاف خارج على أن الإشهاد هل يشترط؟ فإن جعلنا الإشهاد شرطاً، فقد أحلَلْنا الرجعة محلَّ النكاح، فلا يمتنع أن لا تصح من المحرم، كما لا يصح منه ابتداء النكاح، وإن لم نشترط الإشهاد على الرجعة، فقد أحللناها محلّ الاستدامةَ. والإحرامُ لا ينافي استدامةَ النكاح.
9351 - ومما ذكره [تخريجاً] (?) على ذلك أن العبد إذا طلّق، فله المراجعةُ دون إذن السيد، قال القاضي: هذا إذا لم نشترط الإشهاد، فإن شرطنا الإشهاد على الرجعة، ونزَّلناها منزلةَ ابتداء النكاح، فلا يمتنع أن لا تصح الرجعةُ من العبد إلا بإذن السيد.
وهذا الذي ذكره على نهاية البُعد؛ فإنا لا نوجب الإشهاد لكون الرجعة بمثابة عقد النكاح، ولا معتمدَ في اشتراط الإشهاد إلا التعلّق بنص القرآن، ومن طمع في توجيه هذا القول بمسلك من مسالك المعاني، فقد أبعد، ولو كان كما ظن، لتردد الرأي في اشتراط إذنها وفي اشتراط الولي، فلما حصل الوفاق على أنهما لا يُشترطان، تبين أن الرجعةَ ليست عقداً، ووجوب الإشهاد في القول القديم مربوط بظاهر القرآن، كما قدمنا الاستدلال به.
وأما ما ذكره في فصل العبد، فمما لا أستجيز إلحاقَه بالمذهب، وهو قول مسبوق بإجماعٍ للأصحاب على خلافه. ولو كان يخرّج من قولِ وجوب الإشهاد قولٌ في أن العبد يحتاج إلى مراجعة سيده في الرجعة؛ من حيث شابهت الرجعةُ النكاحَ في اشتراط الإشهاد، لكان أقربُ تفريع على هذا أن يقال: لا تصح الرجعة ما لم ترضَ المرأة؛ فإن مدار النكاح على رضاها، فإذا لم يُشترط إذنُ المرأة، كان اشتراط إذن السيد بعيداً، بل الوجه القطع ببطلان ذلك.