على حقيقة الزوجية، لاستحال أن يلتزم الزوج بوطئها مهراً وقد غَرِم مهرَ النكاح، فلما نص الشافعي على وجوب المهر، أشعر هذا بكونها غيرَ مُستَحَقةٍ بالنكاح.
والتحقيق فيه أنا إذا قلنا: زال الملك بالطلاق، فقد ملكت المرأة نفسها، ولكن للزوج عليها سُلطان الرّد، فإذا لم نجعل الوطء رداً، فقد [وقع] (?) الوطء، وهي غير مملوكة للزوج. نعم، لو كنا نجعل الوطء رجعة، لكان الوطء من الزوج بمثابة وطء البائع الجاريةَ المبيعةَ في زمان الخيار، فالوطء فيه فسخ، فلا جرم لا يلتزم المهرَ بما هو فاسخ به، فإذا لم نجعل الزوج مرتجعاً، جعلنا وطأه إياها بمثابة ما لو وُطئت بشبهة، فيكون المهر لها لا محالة.
وقد يلتفت الفطن فيما ذكرناه على تفريعنا على قولنا: إن الملك في زمان الخيار للمشتري، فلو وُطئت الجارية ثم لم يتفق فسخ العقد، فالمهر للمشتري، هذا مسلك الكلام. ولكن تفريعه على أن الرجعية ليست بزوجة، ولا خروج له إلا على ذلك.
ولو تكلف متكلف، فقال: منافع بضع المرأة على حكمها (?)، والدليل عليه أن الزوجة لو وطئت بشبهة في صلب النكاح، فالمهر لها، فإذا انعزلت عن زوجها في الاعتداد، ثم وطئها الزوج -وحُكم الانعزال مستمر عليها- فقد أتلف منفعةً هي بحكمها.
وهذا تلبيسٌ؛ فإن الزوج لو كان مستحق المنفعة، لكان بالوطء مستوفياً منفعةً هو مستحقها.
9345 - ثم ذكر أصحابنا تصرفاً على النص فقالوا: قال الشافعي في الرجعية: إذا وطئها الزوج يلزمه المهر، راجعها، أو لم يراجعها. وقال: إذا ارتدت المرأة، فوطئها الزوج وكانت مدخولاً بها، فعادت إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، لم يلتزم مهرها، ولو أصرت على الردة حتى انقضت العدة، التزم مهرها؛ فقال الأئمة: أما