9331 - الأصل في الرجعة الكتاب والسنة والإجماع، فأما الكتاب، فقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]، والرد: الرجعةُ باتفاق المفسرين، وقال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] قيل: أراد بالإمساك الرجعة في العدة، وأراد بالتسريح أن يتركها حتى تنسرح بانقضاء العدة، وقيل: الإمساك في الآية ليس رجعة، والمراد مخاطبة الأزواج بأن يمسكوا بالمعروف، أو يسرحوا بالإحسان.
وذكر الشافعي في أول الكتاب آيتين إحداهما قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] والأخرى قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ثم قال: دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين، فالبلوغ في قوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} بمعنى مقاربة انقضاء العدة، لأن العدة إذا انقضت، فلا سبيل إلى الإمساك، ولا ينتظم التخيير بينه وبين التسريح، والبلوغُ في الآية الثانية بمعنى انقضاء العدة؛ فإن النهي عن العضل لا يتحقق إلا عند انقضاء العدة، أما البلوغ بمعنى الانقضاء، فبيّنٌ لا يحتاج فيه إلى تأويل، وأما البلوغ بمعنى المقاربة، ففيه ضَربٌ من التوسع، وهو على مذهب قول القائل: "بلغت البلدة" إذا قاربها ودنا منها.
والأصل في الرجعة من جهة السّنة ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرَ في ابنه عبدِ الله "مُرْه فليراجعها" الحديث.
وأجمع المسلمون على ثبوت الرجعة، فمن يملك ثلاثَ طلقاتٍ يُتصوّر منه رجعتان إحداهما بعد الطلقة الأولى، والثانية بعد الثانية، والطلقة الثالثة تُحرِّم عقد النكاح تحريماً ممدوداً إلى التحليل والتخلّي من نكاح المحلِّل وعِدّته.
والعبد يملك طلقتين ورجعةً واحدةً، ثم الاعتبار عندنا في عدد الطلاق برق الزوج وحريته، فالحر يملك ثلاثَ طلقات، سواء كانت زوجته حرة أو رقيقة، والعبد يملك