وقال الزوج: إن كنتُ كما قلتِ، فأنت طالق، فهذه المسائل تجري على ثلاثة أقسام: أحدها - أن يقصد الزوج تعليقاً على التحقيق.
والثاني - أن يقصد مكافأتها ليغيظها بالطلاق، كما غاظته بما أسمعته.
والثالث - أن يُطْلِق اللفظَ.
فإن قصد التعليق، فلا بدّ من النظر في الصّفات: فإن تحققت، وقع الطلاق، وإن انتفت، لم يقع، وإن أشكلت، فالأصل أنْ لا طلاق، ثم كثيراً ما يجري في المهاترات، والإفحاش، والخنا (?) في المنطق - صفاتٌ لا تكون، فيقع الناظر في التطلب، فالوجه الحكم بأن الطلاق لا يقع.
وأنا أذكر من جملتها واقعةً رُفعت في الفتاوى، وهي أن المرأة قالت لزوجها: يا (جهوذروى) (?)، فقال في جوابها: إن كنت كذلك، فأنت طالق؛ فوقع المسْتَطْرِفُون وبَنُو الزمان في طلب هذه الصفة، فذهب بعضهم إلى الحمل على صفار الوجه، وسلك سالكون مسلك مخيلة الذل في خبطٍ لا أصفه، وكان جوابنا فيه: إن المسلم لا يكون على النعت المذكور، فلا يقع الطلاق، ولم أوثر ذكر ما فيه فحش، وفيما أوردته التنبيه التام للفطن.
وإن قصد الرجل بذلك مكافأتها، فاللفظ صريح في التعليق، ولكن إذا أراد الزوج مكافأةً، فلها وجه، والتقدير: إن كنت كذلك، فأنت طالق إذاً. ومما مهدته أن الاحتمال الخفي مقبول في وقوع الطلاق إذا أراده اللافظ.
وإن أطلق اللفظَ، فهو محمول عندي على التعليق، إلا أن يعم عرفٌ في المكافأة، فيجتمع وضع اللغة والعرف، وقد سبق الكلام فيه.
وقد رأيت كثيراً من المشايخ يميلون إلى المكافأة للعجز عن النظر في الصفات،