فيها استعقابَ الرّجعة، وليس كما لو وقعا في الرق.
وحكى الشيخ عن بعض الأصحاب وجهاً بعيداً أنها تحرم عليه؛ لأن الحرية لم تتقدم على الطلاق. وهذا على نهاية الضّعف.
وإذا فرعنا على ما أفتى به ابن الحداد، وهو المذهب الذي لا يجوز غيره، فلو قال العبد لزوجته: إذا مات سيّدي، فأنت طالق (?) في آخر جزء من حياته، وقال السيد: إذا مت، فعبدي هذا حرّ، فالطلاق يقع في زمان الرق، ولا رجعة؛ فإن الرّجعة لا تثبت بعد الطلاق، وإنما تثبت حيث تثبت مع الطلاق، ومعنى وقوع الطلاق في الرق وقوع الحرمة الكبرى، وهذا يناقض ثبوتَ الرجعة لا محالة، وهذا ذكرناه على وضوحه؛ ليقطع وهمَ من يظن أن وقوع الطلاق يستعقب الرجعة، وقد يطلق الفقهاء ذلك، وهو تجوّز منهم، والتحقيق ما نصصنا عليه.
فرع:
9286 - لو تزوج الرجل بجارية أبيه، وعلّق طلاقها بموت الأب، فإذا مات، لم يقع الطلاق على ظاهر المذهب؛ لأن الملك يحصل في الرقبة، وحصوله يتضمّن انفساخ النكاح، فلو وقع الطلاق، لكان واقعاً على مملوكته، وهذا محال.
وأبعد بعض أصحابنا، وقال: يقع الطلاق.
وهذا وهمٌ وغلط، وإنما تخيّله من صار إليه؛ من حيث اعتقد أن الملك يحصل مع الموت، والانفساخُ يترتب عليه (?)، كما يشتري الرجل من يَعْتِق عليه، فيملكه في لحظة، ثم يعتِق عليه، فظنّ ظانّون أن الانفساخ مع الملك كذلك يكون، وليس الأمر كذلك؛ فإن الانفساخ يحصل مع الملك، والملك مع النكاح يتعاقبان تعاقب الضّدين، وليس كما وقع الاستشهاد به؛ فإنا قدّرنا ملك القريب اضطراراً ليصحّ العقد، وهاهنا لا ضرورة إلى مناقضة الحقائق والقياسِ، ولا تناقض في الحكم بالملك والفسخ جميعاًً؛ فإن الملك سيبقى بعد الانفساخ مطرداً.
وقد قال أبو إسحاق المروزي: من اشترى قريبه، حصل الملك والعتق معاً.