ليتوسّع في الاستثناء، فليقع ما يلغو في مقابلة ما يستثنى؛ إذ هذا طباع الاستثناء، وليقع ما بقي.
ولو قال: أنت طالق أربعاً إلا ثنتين، فهذا يخرج على الوجهين، فمن قال: الأربع عبارة عن الثلاث، يقول في هذه الصورة: لا يقع إلا طلقة، وكأنه قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا ثنتين، ومن قال: يقع ما أبقى، حَكَم بوقوع طلقتين.
ولو قال: أنت طالق ستاً إلا ثلاثاًً، فيقع الثلاث على المذهبين، وخروجه بيّن، فإن من يعتبر ما يبقى بعد الاستثناء يقول: قد بقي ثلاث، ومن جعل الست عبارةً عن الثلاث، فكأنه قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاًً، وهذا بيّن إذا تأمّلته.
ولو قال: أنت طالق طلقتين ونصفاً إلا واحدة، قال ابن الحداد: يقع الثلاث، وإنما بناه على أصلٍ ذكرناه في تقطيع العبارة، فكأنه قال: أنت طالق ثنتين وواحدة إلا واحدة (?).
9155 - ومما يتعلق بتمام الفصل أن بعض الطلقة في الإيقاع طلقةٌ، كما سبق تمهيده، وإن غالط مغالط وقال: لا يقع طلقةٌ بلفظ النّصف، ولكن إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق نصفَ طلقة، وقع الطلاق بقوله: "أنت طالق"، ولغا قوله: نصف طلقة. ولو قال: أنت طالق طلاقاً لا يقع، لوقع، فذكر النصف بعد ذكر الطلاق لا معنى له.
وهذا ليس بشيء؛ فإنه لو قال: أنت طالق طلقةً ونصفاً، وقعت طلقتان، ولا حيلة في الطلقة الثانية -وقد استقل الطالق بطلقة- إلا حملُ نصف طلقة على طلقةٍ، وكذلك لو قال: أوقعت عليك نصف طلقة، وقعت طلقة.
فهذا أصلٌ لا مدافعة فيه.
ثم قال الأئمة رضي الله عنهم: إذا قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا نصف طلقة، وقعت الثلاث ولغا استثناء النّصف، هذا ما صار إليه حملة المذهب.