فإذا طلق الثالثة، حنث في يمينين: يمين الواحدة ويمين الثلاث؛ لأنه بتطليقها صار مطلقاً واحدة أخرى، وكلمة (كلما) للتكرار، وصار محققاً تطليق الثلاث؛ لأن هذا مع الأوليين قبلها ثلاث، فيعتِق الآن أربعةُ أعبدٍ سوى ما تقدّم: واحد بالحنث الواقع بتطليق الواحدة، وثلاث بتطليق الثلاث؛ فيكمل العتق في ثمانية. ولا يحنث في يمين الاثنين مرة أخرى، لأن الثانية التي قبل الثالثة حسبت في يمين الثنتين مرة، فلا تحسب في يمين الثنتين مرة أخرى؛ فإن هذا يؤدي إلى تكرير الحنث مراراً، مع اتحاد صنف اليمين، ومحلّ اليمين. فإذا طلق الرابعة، حنث الآن في ثلاث الأيْمان: يمين الواحدة، ويمين الأربع؛ لأنه حقق طلاق الأربع، وحنث في يمين الثنتين مرةً أخرى، لأن الرابعة مع الثالثة ثنتان، فيعتق سبعة عبيدٍ، ويكمل الذين عتقوا خمسة عشر، ولا يحنث مرة أخرى في يمين الثلاث؛ لأن الثالثة والثانية حسبتا في يمين الثلاث، فلا يحسبان مرة أخرى في يمين الثلاث؛ لأن ما حسب في عقدٍ لا يحسب في عقد مثله.

وهذا كما لو قال لها: كلما دخلت الدار، فأنت طالق، فإذا دخلت الدار مرةً طلقت، فإذا دخلت ثانيةً طلقت طلقةً واحدةً، ولا يقال: تطلق طلقتين طلقة بهذه الدخلة وطلقة بالدخلة الأولى؛ لأن الدخلة الأولى حسبناها، فلا نحسبها في مثلها مرة أخرى.

وإذا طلق النسوة الأربع دفعة واحدة، عتق من العبيد خمسة عشر؛ إذ لا فرق بين أن نجمع تطاليقهن، وبين أن نُرتبه، فحكم اللفظ ومقتضى التكرار لا يختلف.

هذا هو المذهب الذي عليه التعويل.

ومن أصحابنا من قال: إذا طلق الثالثة يحنث في يمين الثنتين مرّة أخرى فيبلغ مجموع الذين يعتقون سبعة عشر.

وهذا غلط صريح، وإن كان مشهوراً؛ لأنا لو حنثناه بالثالثة في يمين الثنتين، لزم أن نحنثه أيضاً بالرابعة في يمين الثلاث، ونحكم عليه بعتق عشرين عبداً، وهذا لا قائل به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015