النهر، إِذا كانت بحيث يتأتىّ التباعد عن يمينها بقدر قلتين، وكذلك عن يسارها، فلا ينبغي أن يشك في طهارة ما ينحدر، ويلتف البعض على البعض، ولا يتغيّر.

فإن قيل: ألستم ذكرتم أن الأصح أنه لا يجب التباعد، وقد قلتم: إن النجاسة المائعة إذا وقعت في الماء الجاري ولم تغيّره، والتف الماء، فالكل طاهر، فهلا قلتم: ما ينحدر في حكم نجاسةٍ مائعة تصير مستهلكةً؟ قلنا: لو صب في ماء متغير بطول المكث مقدارٌ كثير من البول، فلم يتغير به، فالحدّ المعتبر عندنا أن يقال: يقدّر للبول صفةٌ تخالف صفةَ الماء، ويُنظر هل يتغير؟ [فإن كان يتغير] (?)، فينجُس الماء.

وقد ذكرنا نظير ذلك في الطاهر من المائعات إذا اختلط بالماء، واستقصينا القول فيه؛ فالذي تقدم من النجاسة المائعة يُعتبر فيه ما ذكرناه. فإن كانت مخالفة لصورة الماء، اعتبر التغير، وإن كانت موافقة لصفة الماء، قدّرت مخالفةً، وبني الأمر على ما مضى. فالمقدار الذي هو محل النجاسة على ما فصّلناه، يعتبر في كونه مخالفاً للماء وينظر [أيتغير أم لا] (?). فهذا منتهى القول في ذلك.

وكان شيخي يقول: إذا كانت النجاسة طافية على الماء الجاري، فأَخْذُ الماء في جهة العمق موازياً للنجاسة يخرّج (?) على أَخْذ الماء عن اليمين واليسار في حكم التباعد.

ولو كانت النجاسة في أسفل النهر، فأخذ الماء من وجه النهر موازياً للنجاسة، مُخرّجٌ على ما ذكرنا.

فهذا منتهى القول. ومن لم يتفطن للغرض بهذه التنبيهات لا يزيده الإكثار إلا دهشةً وعماية.

فرع:

369: إذا كان الماء يجري منحدراً في صبب (?)، فهو الجاري حقّاً، وكذلك إذا كان يجري في مستوٍ من الأرض، وإن كان ما هو أمام الماء فيه ارتفاع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015