والنجاسة تصادمه، فيوجب ذلك تعدّي النجاسة (?) في الماء عن محلٍّ واحد؛ فمن هذه الجهة قال الأئمة: لا نغترف مما ينسب إلى النجاسة (?). فإذاً جريان الماء يوجب إشاعة النجاسة إلى ما حوالي النجاسة، ويمنع من الإشاعة إلى غير ذلك، والركود يوجب تساوي أجزاء الماء. فليفهم الفطن ما نقول.
فإن قيل: فاذكروا عبارة مقربة فيما قيل في محل النجاسة على الماء الجاري.
قلنا: ما يحرك النجاسة من الماء، وينعطف عليها من اليمين واليسار، فهو المعني بالذي ذكره الأئمة، فقدْرُ حجم النجاسة من الماء لا شك فيه، ويصدم النجاسة من يمينها ويسارها الماء، ثم يلتف الماء التفافاً، وكل ما يقرب من النجاسة، وما يلاقي النجاسة، أو يلتف عليها، فهو مضاف إلى النجاسة، وهو الذي قيل فيه: إنه لا يغترف منه. وما يبعد قليلاً لا يلقَى النجاسةَ، ولا يلتفُّ عليها، ولا يؤثر في إجرائها، إلا أن يزورَّ المجرى، ويختلف شكلُه، وذلك لا معتبر به.
ويمكن أن يقال: إن محل النجاسة ما يغيَّر شكله بجرم النجاسة، ثم يدخل تحت ما ينسب إلى النجاسة مقدارٌ ممّا فوق النجاسة، ومقدارٌ مما تحته، على التقريب الذي ذكرناه.
فهذا أقصى الإمكان في ذلك.
364 - ثم نذكر بعد ذلك وجهين بعيدين في شيئين، أحدهما -ما ذكره صاحب التقريب في الماء المنحدر عن النجاسة أمامها. قال: من أصحابنا من أجرى في التباعد عن النجاسة بقدر قلتين فيما انحدر- التردّدَ المذكور في يمين النجاسة ويسارها، وقطع بطهارة ما فوق محلها المنسوب إليها، وفرق بأن صوب النجاسة إلى أمامها وقدامها، ولا اتصال لها بما وراءها، وهذا ليس بشيءٍ؛ فإن انحدار الماء الذي فوق النجاسة إلى النجاسة كانحدار النجاسة إلى أمامها، فلا فرق.