والثاني - أن اللفظ كناية؛ فإن الفراق والسراح [ما] (?) ظهرا وما اشتهرا اشتهار الطلاق، ومعتمد الشافعي في إلحاقهما بالصريح جريانهما في الكتاب، ثم لم يجر ذكرهما إلا على صيغ [الأفعال] (?)، فأما المفارقة والمسرَّحة، فلا ذكر لهما، والمطلقة مذكورة في القرآن مع شيوع لفظ الطلاق.

ولو قال لامرأته: أنت الطلاق، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: إنه ليس بصريح؛ فإنه غير معتادٍ، وليس جارياً على قياس اللسان، أيضاً، وكان كالمعدول عن الوضع والعرف.

ومن أصحابنا من قال: إنه صريح، لأن لفظ الطلاق، لا يطلق -كيف فرض الأمر - إلا على قصد الفراق، فإن جرى لفظٌ على خلاف ما يعرف ويؤلف، فالاعتبار بأصل الكلمة.

ولو قال لامرأته: أطلقتك، أو أنت مُطْلَقة، واستعمل صيغة الفعل أو الاسم، من الإطلاق، فهذا لم يتعرض له الأصحاب، وفيه تردد بيّن؛ فإن الإطلاق شائع في حلّ الوثاق وإطلاق الدواب عن رباطها، وإطلاق الأسرى والمحبوسين، وإخراج اللفظ عن كونه صريحاً أقربُ وأظهر عندنا في هذا منه إذا قال: أنت الطلاق؛ فإن الطلاق لا معنى له في الاستعمال إلا الفراق، بخلافه.

ومن أسرار الصرائح أن يظهر اللفظ على غرض، [ويعد استعماله في غيره نادراً] (?) وإذا كان الاستعمال في غير جهة الطلب شائعاً، أشعر هذا بالخروج عن الصرائح في الجهة المطلوبة، على ما سنذكر التحقيق في آخر الفصل، عند نجاز المنقولات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015