أكثر مدة الحمل، ونعود إلى التنبيه مرة أخرى، ونقول: بنى الأصحاب وقوع الطلاق على حكم الشرع بأن الأقراء دالة على براءة الرحم، وذلك حكم مقتفىً، وتعبد متبع بعد وقوع الطلاق، وكنت أود لو طلبنا في تعليق الطلاق يقين الصفة؛ فإن الأيمان مبنية على معاني الألفاظ، ولا فرق بين أن يقول القائل: إن قدم زيد، فأنت طالق، [وبين أن يقول: إن استيقنت قدوم زيد، فأنت طالق] (?)، فتحقيق القدوم مطلوب، وإذا قال: إذا استيقنت حيالك، فأنت طالق، فوقوع الطلاق بثلاثة أقراء محال، فإذا قال: إن كنت حائلاً، فأنت طالق، فالحكم بوقوع الطلاق من غير استيقان الحيال بعيد عن موجب الأيمان، وقضايا الألفاظ. وقد وجدت لشيخنا (?) ما يدل على هذا، فلذلك عدت إليه، والعلم عند الله تعالى.
8969 - ومما يتعلق بتمام الكلام في ذلك أنه إذا قال لها: إن كنت حائلاً، فأنت طالق، ثم مرّ بها ثلاثة أشهر، ولم تر دماً، فإن كانت من ذوات الأقراء، لم نحكم بوقوع الطلاق؛ فإنا لا نحكم بأن عدتها تنقضي بالأشهر لو كانت مطلَّقة، ولو كانت على سن الحيض ولكن لم تحض، وقد قال: إن لم تكوني حاملاً، فأنت طالق، ومضت بها ثلاثة. أشهر، فالأشهر في حق هذه عدةٌ بعد الطلاق، مسلِّطةٌ على التزويج، فإذا قال لها: إن لم تكوني حاملاً [أو كنت حائلاً] (?)، فأنت طالق، فقياس قول الأصحاب وقوع الطلاق. وهذا على نهاية البعد؛ فإن مضي الأشهر الثلاثة أو مضي شهرٍ واحدٍِ على طريقةٍ أخرى يُفضي إلى الحكم بوقوع الطلاق، مع أن الأصل بقاء النكاح، والطلاقُ لا يقع بالشك.
ثم قال الأصحاب: إذا حكمنا بوقوع الطلاق بعد مضي ثلاثة أقراء في ذوات الأقراء، فأتت بولد بعد ذلك لأقل من ستة أشهر [من وقت اليمين] (?)، بان أن الطلاق الذي حكمنا بوقوعه لم يقع؛ فإنا استيقنا أنها حامل حالة عقد اليمين، والطلاق