لا يكون من العدة، وهي تستفتح طهراً معتداً به؛ فليس في هذا التطليق تطويل العدة عليها؛ فاختلف أصحابنا فيه: فذهب القياسون إلى أن الطلاق لا يكون بدعياً؛ لأنه ليس فيه تطويل عدة، ولا ندامة ولد، وذهب آخرون إلى أن الطلاق بدعي؛ لمصادفته الحيض، وهذا القائل يعتضد بالرجوع إلى التوقيف والتعبد، ويهون عليه تضعيفُ طريقِ الرأي والتعويلِ على المعنى؛ لما نبهنا عليه قبلُ وقررناه في المسائل.
ولو قال لامرأته: أنت طالق مع آخر جزء من طهرك، فللشافعي قول: إن الانتقال من الطهر إلى الحيض قرءٌ معتد به. فإن فرعنا على هذا، فالطلاق سنّي لمصادفته الطهر، وإفضائه إلى تقصير العدة. وإن قلنا: لا يعتد بذلك قرءاً، فللأصحاب وجهان: أقيسهما - أن الطلاق بدعي؛ لأنها تستقبل حيضة كاملة لا يعتد بها، وإذا كنا نجعل الطلاق في أثناء الحيض بدعياً؛ لأن بقية الحيض غيرُ معتد بها، فلأن نقول: الطلاق بدعي إذا استقبلت حيضة لا اعتداد بها أولى.
وذهب بعض أصحابنا إلى أن الطلاق سني؛ لمصادفته الطهر الذي لم يجرِ فيه جماع، وهذا القائل يلتفت على التعبد واتباع التوقيف، كما تقدم شرحه.
فصل
قال: "وإن كانت في طهر بعد جماعٍ ... إلى آخره" (?).
8932 - هذا الفصل مُصدَّر بقُطبٍ يتعلق بمقتضى الألفاظ، فنقول: الطلاق يُنجَّز ويُعلّق، ثم تعليقه تارة يكون على صيغة الشرط، وتارة يكون على صيغة التأقيت، وهما جميعاً معدودان من التعليق. فأما الشرط، فهو الذي يتعلّق بما يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون، مثل أن يقول لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار، فهذا شرط محقق، وأما التأقيت، فمثل قول الزوج: إذا استهل الهلال، فأنت طالق، فهذا تأقيتٌ وليس شرطاً؛ فإن الشرط هو الذي [لا يُقطع] (?) بوقوعه، والتأقيت مبني على