بعد البينونة، ويكون هذا كما لو قال لامرأته التي لم يدخل بها: أنت طالق وطالق، فتبين بالأولى، ولا تلحقها الثانية، وليس ذلك بمثابة ما لو قال لها: أنت طالق وطالق إن دخلت الدار؛ وذلك أن وقت الطلاقين ينطبق على أول الدخول، ويتحقق اجتماعهما في الزمان، فليس أحدهما أولى بالوقوع من الثاني، وإذا أنشأ، فالإنشاء مأخوذ من لفظه، واللفظُ مرتب، ويستحيل أن يقع معنى اللفظ الثاني قبل اللفظ. وإذا كان يقع مع اللفظ واللفظ مؤخر عن الأول، فلو وقع باللفظ الثاني طلاقٌ، لصادف بائنةً؛ وهذا بعينه يتحقق في جواب السائلة عدداً بمال، فإنه إذا قال: أنت طالق وطالق، فيقع طلاق مع فراغه عن اللفظ الأول، فلو وقع بالثاني طلاق [آخر] (?)، لكان بعد البينونة بالطلاق الأول لا محالة، [والبائنة] (?) لا تطلق عند الشافعي؛ فلا وجه لتخريج وجه في وقوع ما ينشئه ثاني بعد وقوع الأول.

8881 - ولو قال قائل: " أحمل كلام الشافعي على ما إذا قالت: سألتك ثلاثاًً بألف فطلقتني واحدةً بألف، ورامت بذلك ألا يقع شيء، ولا يلزمها من البدل شيء "، فلا معنى [للإطناب] (?) في هذا الفن؛ فإن النص مصرح بخلافه، ومحلُّه مفروض (?) فيه إذا قالت: استدعيتُ ثلاثاً بألف فطلقتني واحدة، وأطلقتْ، ثم مقتضى (?) إطلاق الطلاق الواحد أن يقع بثلث المسؤول. هذا هو النص.

على أنا قد حكينا عن الأصحاب خبطاً في الصورة التي ذكرناها، وهي إذا سألت ثلاثاًً بألف، فقال: أنت طالق واحدة بألف، فهذا مما حكينا فيه كلامَ الأصحاب وأوردنا عليه المباحثات من جهتنا، فلا حاصل لحمل الكلام على هذا المحمل والتطويل لا يفيد.

فإن قيل: أي غرضٍ في الحمل على هذه الصورة؟ قلنا: لو جرى جارٍ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015