بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ الذي وفَّقَ منِ اجتباهُ منْ عبادِهِ للتَّفقُّهِ في الدِّينِ، ونوَّهَ بذلكَ في الذِّكرِ الحكيمِ بقولهِ سبحانَهُ وتعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]
والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ سيدِ الأوَّلينَ والآخِرينَ، القائلِ: "خيارُكُمْ في الجاهليَّةِ خيارُكُمْ في الإسلامِ إذا فَقُهُوا" (?).
أمَّا بعدُ:
فبينَ أيدي العلماءِ من تراثِ الفقهاء ما لَو جمعوا كنوزَهُ، ونقَّدُوا جوهرَهُ .. لزانُوا جِيدَ اَلمجتمعِ اَلإنسانيَّ بعِقْدٍ ثمينٍ.
وهذِهِ السَّماتُ تنطبقُ تماماً على هذا الكتابِ الموسوعيِّ "نهاية المطلب" للإمامِ اَلعظيمِ إمامِ الحرمينِ الجوينيِّ، الذِّي يعدُّ من أعظمِ كتبِ الشَّافعيَّةِ القديمةِ، ومنْ أثبتِ المراجعِ في نسبةِ المذهبِ للإمامِ الشَّافعي
فهذا الميراثُ الأصيلُ الذِّي يخرجُ إلى فضاءِ الطِّباعةِ الرَّحيبِ لأوَّلِ مرَّةٍ، بعدَ ما يقاربُ الألفَ سنةٍ على تأليفِهِ .. لَيؤكِّدُ معنى الخيريَّةِ المتجدِّدَةِ في هذه الأمَّةِ التي لا تختصُّ بزمنٍ دونَ آخرَ، بلْ لا زالتْ مسيرةُ استخراجِ الكنوزِ قائمةً على قدمٍ وساقٍ في كل عصرٍ ومصرٍ.