فمن جُنَّ ارتفع التوكيل في حقه، وإذا أفاق عن الجنون، فالتوكيل زائل، فإن أراد أن ينفذ أمراً، فليبتدىء توكيلاً.
8686 - وإن فرَّعنا على القول الثاني، وجعلنا ابتعاث السلطان تحكيماً، فلهما أن ينفذا ما يريان الصلاحَ فيه، فإنْ رأيا الطلاقَ، طلَّقَا على السخط من الزوج.
وذكر الأئمة أنهما يختلعان المرأةَ بشيء من مالها، وإنْ لم ترض. وهذا متفق عليه في التفريع على هذا القول.
فإن أنكر مُنكر بذلَ مالِ مطلقة في الافتداء بغير إذنها، فهو كتطليق زوجة إنسان من غير إذنه، والأموال قد تدخل تحت الحجر، والطلاق لا يدخل تحت الحجر، فإذا احتكم الحَكَمُ في الطلاق، لم يبعد فرض الاحتكام على مال الزوجة في طلب الصلاح.
8687 - ثم نتكلم وراء هذا في أمور مهمة بها تمام البيان، فنقول أولاً: نصُّ القرآن مشعر ببعثه الحكمين، وهذا فيه تأمل على الطالب، فإنَّا إن اعتقدنا التحكيم [منهما في مرتبة] (?) الولاية، فالعدد يبعد اشتراطه في الوالي، وإن نزّلناهما منزلة الوكيلين، فالعدد ليس بشرط أيضاًً، وسنذكر في وكالة الخلع -إن شاء الله تعالى- أنَّ الشخصَ الواحدَ يجوز أن يكون وكيلاً في الخلع من الجانبين على أحد الوجهين، فإن كان يتجه رعاية العدد على قول التوكيل عند مسيس الحاجة إلى الخلع، فيلزم من مساق هذا الاكتفاءُ بوكيل من جانبه إذا كانت هي تختلع بنفسها.
فإذا جعلنا ذلك تحكيماً، ففي المسألة احتمال ظاهر، يجوز أن نتبع القرآن ولا نعقد لظاهره تأويلاً، ونشترط حكمين، ويجوز أنْ نحملَ العدد على الاستحباب، بدليل اتصاله بوصفٍ ليس مشروطاً، وهو قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِهِ}. {مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] وهذا مستحَب غيرُ مستحَق إجماعاً. وقد يشهد للاكتفاء بالحاكم الواحد حديثُ حبيبة (?) بنت سهل، فإنَّ الرسول قطع النكاح بينهما بتّاً لما اطلع على