وقد سمى الله تعالى الأزواجَ سكناً، فقال عز وجل: {أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21]. وقولنا: "الأصلُ " (?) لا يتبين أثره الآن، وإذا انتهينا إلى تفريع المسائل، أوضحنا ذلك، إن شاء الله عز وجل.

ثم إنما يكون التعويل على الليل في حق معظم الناس، وعامة الخليقة؛ فإنهم ينتشرون في مآربهم وأوطارهم نهاراً، فإذا جنَّ الليل، ارتادوا السكونَ في مساكنهم والدَّعَة.

فلو فرض شخص يشتغل بالليل ويسكن بالنهار -كالحراس [ومن] (?) في معناهم، فعماد القسم في حقوقهم النهار؛ فإن المتبع فيه أن الأصل في القَسْم وقتُ السكون والدَّعةِ، فإن من ينتشر نهاراً لم يمنع منه، ولم يُلزم أن يدخل على صاحبة النوبة النهار، فإنا لو فعلنا هذا، لانقطع الناس عن معايشهم، ولصار الكافل العائل معولاً مكفولاً. وهذا أحد الآثار في الفرق بين الليل والنهار، كما سنجمعها في فصل بعد هذا، إن شاء الله عز وجل.

فصل

قال: "ولو كان عند الرجل حرائرُ مسلماتٌ ... إلى آخره " (?).

8605 - غرض الفصل أن الكتابيةَ والمسلمةَ في القَسْم متساويتان؛ فإن حقوقهما متساوية، فإذا ساوى حقُّه على الكتابية حقَّه على المسلمة، فيجب أن يتساويا أيضاًً فيما تستحق كل واحدة على زوجها. وحقق الأئمة هذا فقالوا: استمتاع الرجل بالكتابية يتسع اتساع استمتاعه بالمسلمة، ولا ضِرار على ولده منها؛ فإن ولد المسلم من الكتابية مسلم.

8606 - فأما إذا اجتمعت الرقيقة والحرة تحت حر مثلاً بطريق اجتماعهما، فالقَسْم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015