وكذلك القول في المرأة فيما عليها له، ولا يُظهر واحد منهما كراهيةً في تأدية حق صاحبه، فالرجل لا يعبس عند إيفاء حقوقها بل يؤديها كاملة على طلاقة، والمرأة لا تعبس إذا قَرِبَها الزوج.

ثم قال: " فأيهما مطَلَ فمطل الغني ظلم "، والمطل: مدافعة الحق مع القدرة على التأدية، ولفظ " الغني " لا يختص باليسار والثروة، بل كل متمكن من تأدية حق مستقلٍّ به، فهو في حكم الغني. وللغني في أسماء الله تعالى معنيان أحدهما: المقتدر، والثاني: البريء عن الحاجة.

ومن حقوق المرأة على الرجل القَسْم، وهذا الكتاب بأبوابه معقودٌ له لا غير، فإن تطرق إليه حكم آخر، لم يكن مقصوداً بالكتاب.

8601 - فنبتدىء، ونقول: الرجل لا يخلو إما أن يكون ذا زوجة واحدة، وإما أن يجمع بين زوجتين فصاعداً، فإن كان ذا زوجة واحدة، فلا يلزمه أن يبيت عندها، ولو لم يدخل عليها قط، فلا طَلِبةَ عليه إذا كان يوفيها حقوقها، والذي يقتضيه أدب الدين ألا يعطّلَها، فقد يُفضي تعطيلُها -إذا هي تاقت- إلى الفجور، وفي تعطيلُها إضرارٌ بها، ولست أُبعد إطلاَق لفظ الكراهية في تعطيلها، فإنَّا نسمح بإطلاق هذا اللفظ دون هذه الأمور التي أشرنا إليها.

وقد حُكي عن أبي حنيفة (?) أنه قال: ينبغي ألا يخليَ أربعَ ليالٍ عن ليلةٍ يقيم فيها عندها؛ فإنَّ أقصى ما يفرض من النسوة تحته أربع، ثم ينالُها من القَسْم ليلةً من أربع ليال.

وهذا غير مرضي عند أصحابنا؛ فإنَّ اعتبار أقدار الليالي حيث لا قَسْمَ محال، ولو نظر ناظرٌ إلى الإضرار ومؤنة أربعة أشهر، كان بعيداً، فإن كان الضرار لا يدفعه إلاَّ الاستمتاع، فهذا (?) غير مرعي في المبيت الذي نقرر القول فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015