تعذّرت مطالبة المملوك لإعساره، فلا تعذر في مطالبة الضامن.
وإن قلنا: يسقط الدين عن المملوك بطريان ملكِ مستحِق الدين على رقبته، قال: فالمسألة تدور؛ فإن المهر يسقط بعلة طريان الملك وإن لم يسقط بعلةٍ في النكاح من فسخ أو انفساخ، فإذا كان الدين يسقط، فالمسألة تدور، وإن خالفت عِلَّةُ الإسقاط بعد المسيس عِلَّته قبل المسيس.
وقد حكينا استدراكَ الشيخ أبي علي.
وللمذهبين عندي وجهان إذا ذكرناهما، بان بهما حقيقةُ المسألة فنقول: إذا فرعنا على أن الدين يسقط بطريان الملك، فله مسلكان: أحدهما - أن يسقط الدين بملك الرقبة، كما ينسفخ النكاح بملك الزوج أو الزوجة، هذا وجه.
والوجه الثاني - أن يملك الدينَ على العبد، ثم يسقط، كما يملك من يشتري أباه الأبَ، ثم يعتِق عليه، فإن جعلنا نفسَ ملك الرقبة مسقطاً للدين، فمعناه أنه لا [يضادّه] (?) بل يعاقبه معاقبةَ الضد، فعلى هذا تدور المسألة، كما قال القفال؛ فإنَّ الملك وسقوطَ الديْن بعِلَّتِه، ووقوعَ الثمن، يُفرض على اقترانٍ ليس [فيه] (?) تقدم ولا [تأخّر] (?)، فيلزم من هذا ما ذكره القفال.
وإن قلنا: من طرأ ملكُه يملك الدين ويسقط- كما ذكرناه في شراء القريب، فيتجه على هذا ما قاله الشيخ؛ فإن الدين إنما يسقط بتقدير ملك الدين وتعقيب السقوط إياه، فإذا صار الدين مستغرقاً بالثمنية، لم يسقط بالملك؛ لأنه لا يدخل في الملك مع الرقبة، حتى إذا دخل سقط.
فإن قيل: هل يتوجه تصرفُ الشيخ قبل المسيس؟ قلنا: لا، فإنَّ المهر يسقط قبل المسيس -على القول الأصح- بالفسخ الواقع قبل المسيس، ولا ينتظم فيه ما تكلفناه بعد المسيس للشيخ أبي علي من تقدير ملك الدين وترتُّبِ السقوط عليه.
والذي يوضح ذلك أنَّ استيعاب المهر مع جريان الفسخ المسقط للمهر محال،