8556 - هذا تردُّدُ الأصحاب، وليس فيما ذكروه تحويمٌ على المقصود، فضلاً عن الإخلال، وذلك أنه ما لم يبِنْ موقعُ المتعة ومنزلتُها لا يمكن أن يعتبرَ فيها ما ذكره الأئمة؛ فإنَّ الإنسان يختلف ما يبذله إذا اختلف جهاتُ المبذول، فما لم يَبِنْ محلُّ المتعة، أعِوضٌ هي أم مِنْحة؟ لا يظهر. وقد اتفق المحققون على أن المتعة لا يبلِّغها القاضي نصفَ المهر، وسبب هذا بينٌ؛ فإنها تجب حيث لا يجب نصف المهر، وكأنا نقنع بما يقلّ عن شَطر المهر إذا لم يحتمل الحالُ شَطْر المهر، فليتخذ الناظر هذا أصلَه.
قال القفال: لا تبلغ المتعةُ نصفَ المهر، كما لا يبلغ التعزيرُ الحدَّ، والرضخُ السهمَ، والحكومةُ الدِّيةَ.
وقال الشافعي في القديم: أستحب المتعةَ قدر ثلاثين درهماً، وإنما استحب ذلك لأثر ورد عن ابن عمر (?). وقال الشافعي في بعض كتبه: ينبغي أن يفرض القاضي فيها مِقْنعةً أو ثوباً أو خاتماً. وقال القاضي: أي شيء فرضه بعد ما كان متمولاً جاز.
8556 - هذا ما بلغنا من كلام الأئمة.
والذي يلوح لنا فيه بعد بناء الأمر على حطّ المتعة عن نصف المهر أن المتعة كاسمها إمتاعٌ وإتحافٌ يسدّ ممّا تداخلها من الفراق مسداً، وليس في الإمتاع عادةٌ مطردةٌ في الناس، حتى نرجعَ إليها من غير قاضٍ رجوعَنا إلى العادات، في القبوض والأَحراز، وأمور في المعاملات، فهذا يتعلق بنظر القاضي، حتى يَفْرِض قدراً يراه لائقاً، ثم يختلف هذا بالإعسار واليسار، ثم لا ضبط للتقدير، [في التعزير] (?)؛ فإن التقدير يختلف باختلاف أحوال الناس في عرامتهم (?) وشراستهم، فرب صاحبِ عَبْرة (?) يكفيه