والثاني - لا يتيمم؛ لأنه متمكن من الوصول إلى الماء على يُسرٍ؛ فكان هذا كوجود الماء في الحال.

ومن أصحابنا من أقرَّ النصين قرارهما، وفرّق بأن الماء إذا كان على اليمين أو اليسار، فهو منسوب إلى المنزل، والنازل قد يتيامن ويتياسر وينتشر في حوائجه، ولا يمضي في صوب قصده، ثم يرجع القهقرى، فليس الماء بين أيدي المسافرين منسوباً إليهم، ويشهد لذلك ما روي أن عبد الله بن عمر قفل من سفرةٍ له إلى المدينة، فلما انتهى إلى الحرّة، دخل وقت العصر، فتيمم وصلّى، فقيل له: أتتيمّم وجدرانُ المدينة تنظر إليك، فقال: أو أحيا حتى أدخلها؛ ثم دخل المدينة والشمس حيّة، ولم يقض الصلاة (?).

فإن قلنا: لا يتيمّم فالمرعيّ فيه الأوصاف التي ذكرناها، وهي الأمن الغالب على النفس والمال، [وألا] (?) ينقطع عن الرفقة، فإن كان الماء بمكانٍ لو قصده بمركوبه الذي هو عُدّته وعاد إليها، ثم ارتحل القوم، لتقاعدت دابّتُه، فهذا من الانقطاع عن الرفقة، والماء كالمعدوم في هذه الصورة.

ولو لم يكن عليه بأس لو انقطع، ولأمكنه (?) أن ينتهي إلى مقصد نفسه، فهذا فيه عُسر، والاحتمال يتطرق إليه.

282 - وإن قلنا: يتيمم، فلو كان الماء على مسافةٍ يجب طلب الماء عند الإشكال (?) منه، فلا شكّ أنه يجب استعماله. وإن كان أبعد من مسافة الطلب قليلاً، فلا يبعد أن يقال: إن كان الماء على مسافة ينتشر إليها النازلون في الاحتطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015