ثم اختلف قول الشافعي، فذكر في مسائل الباب قولين في كيفية اعتبار القيمة: أحدهما - أنَّ الزوج يضمنه ضمان الغصوب، فعليه أقصى القيمة من يوم الإصداق إلى يوم التلف، قياساً على الغصب.
والقول الثاني - إنه يضمن الصداق بقيمته يوم الإصداق. ووراء ذلك سرٌّ عظيم، هو مركز الفصل، فليكن هذا على ذُكْر الناظر حتى ينتهي إليه.
وقد اختلف قول الشافعي في أنَّ العين المضمونة على المستام على أي وجه تضمن؟ فقال في قول: تضمن ضمان الغصوب (?). وقال في قول: إنها تضمن بقيمة يوم القبض. ولا يُجري في المستام إلاَّ هذين القولين.
وفي المستعير هذان القولان أيضاً، وقولٌ ثالث- وهو أنَ الاعتبار بقيمة يوم التلف إذا (?)؛ لم يجر فيه من المستعير عدوان. وهذا القول يجري في المستعير؛ من جهة أنَّا لو اعتبرنا قيمةَ يوم القبض، والمستعارُ ثوب مثلاً، فالأجزاء التي انسحقت بالبِلي إلى يوم التلف لا تكون مضمونة على الرأي الظاهر، فلو اعتبرنا قيمةَ يوم القبضَ، لأدخلنا تلك الأجزاء في الضمان. وإن قلنا نعتبر قيمة الثوب منسحقاً يوم القبض، عَسُر ذلك، فتعين وقتُ التلف، وقيمةُ الثوب على ما يصادَف عليه.
وهذا ليس بمَرضيّ؛ فإنَّا إن ألحقنا هذه الأيدي بيد الغاصب، فهو قياس متجه؛ من قِبل أنَّ العين موصوفة بالضمان في كل وقت؛ فلا معنى لتخصيص وقت بالاعتبار، وهذا يفضي إلى إلزام الأقصى، ولا فرق بين الغاصب والمشبه به إلاَّ في المأثم.
وتحقيق ذلك أن وجوب ضمان الرد يجمعهما، فهذا وجه.
وإن لم نعتبر الأقصى في القول الثاني، فلا وجه إلاَّ أن نقول: كما (?) تثبت اليد يثبت الضمان، فنتمسك بأول معتبر، حتى كأن القبض إتلاف.
وإن قال قائل: هلاَّ وجهتم اعتبار يوم التلف في الأيدي كلِّها؛ لأنَّ رد العين بالتلف