وما ذكروه في تبدل المستوفي جارٍ على [القياس] (?)؛ فإنه استحق المنفعة وملكها، والشرع سلَّطَهُ على إحلال غيره محل نفسه بالإعارة والإجارة، ومن ضرورة ذلك تبدل المالك والمستوفي.
ثم قالوا: ما يقع به الاستيفاء بمثابة الثوب يعيَّن للخياطة، فيقول مالكه: استأجرتك لتخيط هذا الثوب، فاستيفاء المنفعة يقع بذلك الثوب. فلو أراد مالك الثوب أن يأتي بثوب مثلِه؛ فهل له ذلك؟ فعلى وجهين: أظهرهما - أنَّ له ذلك.
وتبديل الثوب كتبديل المستوفي؛ فإنَّ المستحَق خياطةٌ للأجير، ولا يختلف الغرض بتعدد الثياب مع تماثلها.
والوجه الثاني - أنَّ ذلك الثوب يتعيَّن؛ [فإن] (?) العقد كما عيّن العاملَ- حتى لا يجوز له أن يقيم غيرَه مقام نفسه، وإن كان عملُ غيره بمثابة عمله أو أفضل من عمله، فكذلك اقتضت الإجارة إيقاع عملٍ في عين، فيجب تعيّنها حتى لا [يقع] (?) إبدالها.
وهذا القائل يعسر عليه الفصل بين تبدل المستوفي -الممثَّل براكب الدابة- وبين تبدل الثوب: والممكن فيه أن منفعة الدابة لا تقع بالراكب، وإنما هو انتفاع من غير تأثر به، والثوب يتأثر بالخياطة ويقع فيه وتبقى ما يبقى، حتى اختلف قول الشافعي في أنها إجارة أو عين؟ كما ذكرنا القولين في كتاب التفليس.
وهذا المعنى يجري في المتعلم المستأجِر؛ فإنه يتأثر بالتعلم، وإن كان من وجه [مستوفياً] (?) للمنفعة، فقد ساوى مكتري الدابة؛ من حيث إنه يستوفي المنفعة المستحقة، وهو في التحقيق كالثوب الذي تقع الخياطة به، من جهة تأثره بالتعلم.
ثم حاصل ذلك يرجع إلى تعلق الأثر بهذه العين، والأعيان لا يدخلها الإبدال في العقود الواردة على الأعيان، فهذا مبلغ الإمكان في التوجيه، والأصحُّ الأول.