والوجه الثاني- وهو الأصح، أنَّ الاستئجار على الأذان جائز من الإمام ومن آحاد المسلمين؛ فإنه ليس عبادة مفتقرة إلى النية، ولا فرضاً يلابسه المكلف، وإن كان يرجع نفعه إلى المسلمين، فنفع القرآن كذلك يرجع إلى المسلمين.
والوجه الثالث- أن الإمام ومن يتولى الأمر من جهته يجوز أن يستأجر المؤذن، وليس يسوغ ذلك لآحاد الناس، وكثيرٌ من العقود يختص جوازه بالوالي إذا كان متعلقاً بالمصالح العامة.
ثم إذا جوزنا الاستئجار على الأذان، فقد ذكر شيخي وغيره خلافاً في أنَّ المؤذن على ماذا يأخذ الأجرة؟ وحاصل المذكور ثلائة أوجه: أحدها- أنه يستحق الأجرة على رعاية المواقيت.
والثاني- أنه يستحقها على رفع الصوت.
والثالث- أنه يستحقها على الحيعلتين، فإنهما ليسا من الأذكار، وسبب هذا الاختلاف أنَّ الأذان أذكار لله تعالى [يردّدها] (?) المؤذن، فبعُد عند الأصحاب استحقاق الأجرة على أعيانها.
والصحيح عند المحققين أنَّا إذا جوزنا الاستئجار على الأذان، فالأُجرة مستحقة على جميع الأذان بما فيه، ولا بُعدَ في استحقاق الأُجرة على ذكر الله تعالى، كما لا بُعد في استحقاقها على تعليم القرآن، وإن كان التعليم من ضرورته قراءة القرآن.
8360 - ومما نذكره: الاستئجار على تعليم العلم، وقد ذكر شيخي وغيره مَنع الاستئجار على التدريس، وردد الشيخ أبو بكر الطوسي فيما نقله عنه أبو بكر المفيد (?)