ثم قال: السرف والمغالاة في المهر غير محبوب، والقصد هو المستحسن، ولو حصل التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجاته وبناته، فنِعْم المتبع.

وقالت عائشة: " ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة من نسائه، ولا زوّج واحدة من بناته بأكثر من اثنتي عشر أوقية ونَشٍّ، أتدرون ما النَّش؟ إنما هو

نصف أوقية " والأوقية أربعون درهماً، فمجموع ما ذكَرَت من الأواقي والنش خمسمائة " (?)، وقال عمر: " ألا لا تغالوا في مهور النساء؛ فإنه لو كان فيه مكرمة عند الله وعند الناس، لكان أحقكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقامت امرأة سفعاء الخدين وقالت: الله يعطينا، ويمنعنا عمر، فقال: أين ذلك، فقالت: قال الله تعالى: {وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] فقال: كلُ الناس أفقه من عمر رجل أخطأ وامرأة أصابت " (?).

ويتعلق بمتنهن أمران: أحدهما- أنَّ المغالاة ليست مكروهة، وإنما ينهى عنها نهيَ استحباب، وقد بان أن مراتب النهي ثلاثة: تحريم وكراهة واستحباب. ومما نذكره أنَّ النزول إلى المبلغ الذي ذكرناه في مهور نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تخاطب به المرأة المالكة لأمر نفسها، والسيد في تزويج أمته. فأما الأب إذا كان يزوّج ابنته الصغيرة، فليس له أن ينزل عن مهر مثلها، وإن نزل، ففيه الترتيب القديم.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015