واختلف أصحابنا على طرق، فذهب بعضهم إلى تصويب ابن الحداد، وقال: فرّع على أن لا غرم على شهود النكاح، وتعليله ما قدمناه في صدر المسألة، ولا غرم على شهود الإصابة؛ فإنهم شهدوا على استمتاع في نكاح، فإذا لم يلزم بسبب النكاح غرم، فكذلك لا يلتزم بسبب الإصابة.
وأمَّا شهود الطلاق، فقد فوّتوا ملكاً بلا عوض، ثم رجعوا.
ومن أصحابنا من قال: ما ذكرناه من تغريم شهود الطلاق غلط من أوجه، منها أثهم ما شهدوا على مخالفة الزوج؛ فإنَّ حاصل شهادتهم انتفاء النكاح، وكان المدعى عليه منكراً للنكاح مقترناً بنفي الزوجية، فلا يتحقق تفويت عليه.
وهذا هو الذي لا يتجه غيره.
والوجه عندي: [أن] (?) ما ذكره ابن الحداد من عثراته.
ثم في شهود النكاح وشهود الإصابة نظر، أما وجه (?) النظر في شهود النكاح، فعلى ما تقدم، وأما شهود الإصابة، فإن شهدوا على النكاح أيضاً ثم على الإصابة بعده، فالوجه تغريمهم، ثم يشتركون في الغرم الذي يتعلق بالنكاح، ويختصون بالغرم في النصف الآخر من المسمى؛ فإنَّ الزوج إنما غرم ذلك النصف الثاني بسبب شهادتهم. ومَن ذكر نفي الغرم عن شهود الإصابة فقد أبعد، ولكنه وجه حكاه الشيخ، وتوجيهه ضعيف؛ فإنَّ الذي تخيله من نفي الغرم في شهود النكاح أنهم شهدوا بحق في مقابلة عوض، والوطء إتلاف منافع البضع في كل حساب، ولصاحب ذلك الوجه الضعيف أن يقول: وطؤه انتفاعه، كما أنَّ النكاح حقه.
فأما إذا شهد شهود الإصابة على الإصابة مطلقاً من غير تعرض للنكاح، فينظر فيه؛ فإن تأرخ النكاح على وجه تأرخ الوطء بتاريخ متأخر عن النكاح، فعلى شهود الإصابة ما ذكرناه؛ فإنهم تسببوا إلى إثبات تقرير ذلك المسمى؛ وإن كانت الشهادتان مطلقتين، فشهود الإصابة لا يغرمون للمدعى عليه شيئاًً؛ فإن الإصابة قد تكون زنا، فإذا لم يغرِّموه، لم يغرموا إذا رجعوا.