ثم إذا ادعت الثانية أنها الزوجة، وقصدت بذلك طلب المهر، فقد اختلف أصحابنا في ترتيب المذهب، فقال بعضهم: في جواز تحليفها إياه قولان، وهؤلاء شبّهوا هذين القولين في هذه الصورة بالقولين فيه إذا ادعى رجلان نكاح امرأة، فأقرَّت لأحدهما بالنكاح، فهل للثاني أن يحلّفها؟ فيه قولان مشهوران.
وهذه الطريقة ضعيفة، والصحيح الذي ذهب إليه الجمهور: أنَّ للمرأة أن تحلِّفه لقصد المهر قولاً واحداً. والفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا أقرَّت المرأة لأحد المدعيَيْن بالنكاح، أنَّ المرأة في هذه المسألة ليست تطمع في إثبات النكاح مع إنكار الزوج وجحده، وإنما غرضها يتوجه إلى إثبات المهر، وهذا سائغ، لا امتناع فيه؛ إذ لا خلاف بين الأصحاب أنَّ المرأة إذا ادعت على رجل زوجيةً على مهر، فأنكر المدعى عليه، فدعواها مسموعة؛ فإنها ادعت مالاً وأسندته إلى سبب، وليس كذلك المسألة التي وقع الاستشهاد بها؛ فإنَّ المرأة إذا أقرَّت لأحدهما بالنكاح، فالثاني ليس يدعي عليها مالاً، وإنما يبغي إرهاقها إلى الإقرار أو النكول عن اليمين، حتى يغرّمها بحكم التفويت.
وقد قال المحققون: القولان ثَمّ مأخوذان من الغرم، فإن قلنا به، صححنا الدعوى، فإذا كانت الدعوى تتجه ثَمَّ أخذاً من الغرم -وفي الغرم قولان- فهاهنا لا اختلاف في إمكان ادعاء الصدق منها، فلا وجه لترديد القول فيه.
ومما يطرأ عليَّ أنَّ الشيخ أبا علي رجل عظيمُ القدر في المذهب نقلاً [وفقهاً] (?) وإحاطة، وقد يتفق له في الشروح نقل وجوه بعيدة، لو ذكرها غيره لم أنقلها، وهذا الذي ذكرته منها.
8344 - فالوجه: القطع بأنَّ لها أنْ تحلِّف هذا الرجل، فإن حلّفته، لم يخل الرجل إما أن يحلف على نفي الزوجية، أو ينكُل عن اليمين، فإن حلف على نفي الزواج [من] (?) هذه المدعية الثانية، فقد سقطت طلبتها بالكلية من المهر وغيره، وإن