8098 - ومن تمام القول في هذا: أنا في قاعدة الباب لا نفرق بين عقد جرى في الشرك على شرط الشرع، وبين عقد جرى مخالفاً لشرط الشرع.
وآية ذلك أن من نكح امرأة بولي وشهود، ثم نكح بعد ذلك أختها، فالنكاح الأول صحيح على شرط الشرع، ولا مزية للنكاح الأول على النكاح الثاني إذا اتصل النكاحان بالإسلام، وإذا كان كذلك؛ فمن حكم بفساد أنكحتهم يلزمه ألا يفصل بين ما يقع منهما على شرط الشرع وبين ما يخالف الشرع، والمصير إلى أن نكاحاً يعقدونه على شرط الشرائع كلها فاسد، مذهب لا يعتقده ذو تحصيل، وما الذي يمنع من صحة نكاحهم؟ ولا خلاف في صحة بيعهم وتصرفاتهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وُلدت عن نكاح، لا عن سفاح" (?). وقالت عائشة رضي الله عنها: "كان النكاح في الجاهلية على أنحاء، ونكاح واحد منها بولي وشهود" (?).
ولما تبين فساد هذا الوجه للمحققين؛ قال قائلون منهم: لا نطلق الفساد على أنكحتهم، ولا نحكم فيها بصحة ولا فساد. وهذا أقرب قليلاً من إطلاق الفساد، ولكن ليس فيه شفاء وبيانٌ كاف.
8099 - وإذا أردنا أن نذكر التحقيق بعد انتجاز النقل، فالرأي عندنا أن نذكر مسألة لابن الحداد - وهي مقصودة في نفسها وبها يبين تحقيق المراد.
قال ابن الحداد: إذا نكح الرجل أختين، وطلق كل واحدة منهما في الشرك ثلاثاً ثلاثاً، ثم أسلم وأسلمتا. قال: يخير بينهما، ويقال له: اختر إحداهما، كما كنت تختار لو لم يسبق منك طلاق أصلاً، فإذا اختار واحدة منهما، فالتي اختارها يثبت نكاحها.