والمساكين بمثابة، وكذلك لو جرى ذكر المساكين كانوا والفقراء بمثابة واحدة. فإذا اشتمل الكلام على الفقراء والمساكين، فلا بد من مغايرة بينهما.

والفقير عند الشافعي أشد حالاً من المسكين، [فالفقير] (?) الذي لا يجد شيئاً وراء الضرورة مثلاً في الملبس والمسكن، ولا يمنع أن يملك شيئاً لا موقع له من كفايته.

وأما من لا يفي دخله بخَرْجه، فهو المسكين. فهما يشتركان في أنّ كل واحد منهما لا يملك كَفافاً (?) أو سِداداً (?) من عيش، وفي القدرة على الكسب الذي يردّ القوت الكافي وغيرَه من الضرورات، ولا يخرجه من الاستحقاق بصفة الفقر أو المسكنة، فالفقير الذي لايملك شيئاً ولا له كسب يرد بعض كفايته، فإن رد بعضها، فهو مسكين.

وأما الصحيح الذي لا حرفة له، فمنهم من قال: يشترط في الفقر الزمانة؛ لأن الصحيح لا يخلو من نوع من الكسب يسد مسداً، ويخرجه عن كونه فقيراً، وإن لم يفِ دخله بخرجه، فهو مسكين.

فإن لم نشترط الزمانة، فلا كلام، وإن شرطناها، ففي اشتراط العمى تردد؛ فإن الزَّمِن البصير يكون ناطوراً.

وهذا سرفٌ، وحق الناظر في الجزئيات أن لا يغفل عن الكليات ونحن نعلم أن السلف لم ينتهوا إلى هذا الحد في التضييق.

وقد قال الشافعي في موضعٍ: "الفقير الذي يتعفف عن السؤال". فمن الأصحاب من شرط عدم السؤال، وجعله متمسكه، وقيل: لا تعويل على السؤال؛ فإنّ السائل [قد] (?) يُعطى، وقد يصرف، وأيضاً؛ فإن المعروف بالفقر إذا تعفف، قصده أرباب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015