قواعدنا؛ فإنا لا نعتبر دار الحرب، ولا نعلّق بها حكماً في أصول المذهب.
فهذا ظاهر ما ذكره الأصحاب في الأجير الذي استأجره الغازي على عملٍ من أعماله التي يحتاج إليه. وقول إسقاط الأجرة فيه تأمل؛ [فإنا إذا كنا] (?) لا نُبعد الجمع بين استحقاق السهم والأجرة، [فمقتضى] (?) ذلك أن يعمل ويقاتل.
فإن قال قائل: هو في وقت قتاله [لا يتفرغ] (?) إلى ما يعمل لمستأجِره، فيترك عمله ويقبل على القتال بدله، وإذا ترك عمله، استحال أن يستحق الأجرة بكمالها.
قلنا: هذا تضيّق في التصوير، لا معنى له؛ فإن الأجير لا يعمل [دائباً والمكافحة] (?) في القتال لا تدوم أيضاً، فيمكن فرض القتال في فترات [لو] (?) ترك الأجير العمل [فيها] (?) لجاز له، ولما أثر بترك العمل في الأجرة.
وأما قولنا: لا يدوم القتال، فهو حق؛ فإن البطلَ الكرّار ربَّما لا يحتاج في جميع مدّة القتال إلا إلى [ضربات] (?) تجري مجرى الفُرص ينتهزها، وليس من الحزم في القتال أن يأتي بها إلا كذلك، وأوقاتها تلطف، وأزْمانُها تخفّ، وليس المعنىُّ بقولنا: قاتلَ الأجيرُ أن يدأب ضرباً، وطعناً، وانغماساً في العدو. وإذا تبين المراد، اندفع بمجرد التصوير السؤال.
وإن حكمنا بأنه لا بد من إسقاط الأجرة بجملتها إن أراد السهم، فالمراد منه أن نهضته إن كانت مقصورة على جلب الأجرة، لم يقصد الجهاد؛ فإن أراد أن يصرف نهضته إلى جهة [الغزو] (?) فيسقط حقه الأول، حتى يُقدَّر كأنه لم يخرج لمّا خرج إلا غازياً.