لا تخرج بشهوةٍ ودفْقٍ وفتورٍ، ولكن قد لا تفارقها الرائحة، فإذا تحقق أنه منيّ، تعلق به وجوبُ الغُسل، سواء خرج قبل البول، أو بعده.
فهذا بيان ما يوجب الجنابة.
179 - فأما الحيضُ، فإذا طهرت المرأة، اغتسلت. ودم الحيض، ودم النفاس يجتمع في الرحم، ثم يُزجيه الرحم عند الولادة، ثم قال الأكثرون: إنما يجب الغُسل بانقطاع الدم، وقال بعضُ المتأخرين: يجب بخروج الدم؛ فإن الطهارات تجب بخروج الخارجات، وهذا يضاف إلى أبي بكر الإسماعيلي (?). وهو غلط؛ فإن الغُسلَ مع دوام الحيض غيرُ ممكنٍ، وما لا يكون ممكناً يستحيل وجوبُه به، فالوجه أن يقال: يجب الغسل بخروج جميع الحيض، وذلك يتحقق عند الانقطاع، وليس فيما ذكرناه فائدةٌ فقهيّةٌ.
180 - فأما إذا ولدت المرأةُ، ولم تنفَس، فالأصح وجوبُ الغسل عليها؛ فإن الولد ينعقدُ من مائهما جميعاً، ففي انفصاله منها انفصالُ مائها.
وهذا التعليل غيرُ مرضيٍّ؛ فإن ما استحال من حال إلى حالٍ، لم يكن له حكم ما كان عليه قبل الاستحالة، والوجه في تعليل ذلك أن الغسل إذا كان يجب بخروج الماء الذي منه خَلْق الولد، فلأن يجب بانفصال الولد نفسِه أولى.
ومن أصحابنا من لم يوجب الغسل مصيراً إلى أن الأحداث لا تثبت قياساً، ولم يَرِد في انفصال الولد من غير نفاسٍ توقيف من الشارع.
فرع:
181 - ذكر بعض أصحابنا أن منيّ الرجل إذا انفصل من المرأة (?)، لزمها الغسل؛ فإنه يختلط منيُّها بمنيّه، فإذا انفصل، فقد خرج منيُّها.