صدر الفصل أن نسيانه لا يُثبت له حكمَ العدوان، فاكتفينا منه بنفي العلم؛ فإنه إذا انتفى العلم عنه، انتفى الضمان، وانتفاء العلم في الغصب لا يدرأ الضمان، ولا يقطع الطَّلِبةَ عن الغاصب، فلاح الفرق.

ولو ادّعى أحدهما عليه الغصبَ، وكان سبق منه دعوى التردّد، وقال للذي وجه الدعوى عليه ما غصبت العين منك 1)؛ فإنه يصير مقرّاً للآخر؛ لأنه [اعترف] (?) أولاً [بأن] (?) الغصب كان من أحدهما، فإذا جزم نفي الغصب في حق أحدهما، تعين الثاني لثبوت الغصب في حقه، فيسلّم العين إلى الثاني.

ثم هل يغرم للذي ادعى عليه، فأنكر الغصب في حقه شيئاً، وكيف السبيل فيه؟ لا شك أنه بمجرد الإنكار في حقه لا يغرم؛ فإنه لم يأت أولاً بما يقتضي ثبوتَ حق له، حتى ينتسب إلى إيقاع الحيلولة آخراً، نعم، لو أنكر دعوى الأول، وجعلنا ذلك إقراراً للآخر، فلو أقر للأول بعد ما أنكر، فهل يغرم للأول شيئاً؟ فعلى قولين وعلى هذين القولين يبتني أن الأول الذي أنكر حقَّه هل يملك تحليفه؟ فإن قلنا: لو أقر له بعد الإنكار، غرِم له، فيملك الأول تحليفَه لتوقع أن ينكل، فيحلف المدعي.

وإن قلنا لو عاد، فأقر للأول، لم يغرم له شيئاً، فليس للأول أن يحلّفه؛ فإن تحليفه إياه لا يفيد غُرماً، وقد استقر الإقرار المتلقَّى من الإنكار للثاني، وذاك لا مستدرك له، فلا معنى للتحليف.

وقد هذى بعضُ الأصحاب بشيء، لا فائدة فيه، ومثله يشوش المذهب، ويفسد القواعد، وذلك أن بعض من لا يحيط بسر الفقه، صار إلى أن الأول لو حلف يمين الرد، لا يستحق العين المغصوبة؛ بناء على أن يمين الرد ينزل منزلة البينة المقامة، ولا ينزل منزلة إقرار الخصم، ثم لو أقام الأول بيّنة، قضي له بها، وهذا ليس بشيء، وهو بإجماع أئمة المذهب غلطٌ، وسنذكره على الاستقصاء في كتاب النكاح، وفي كتاب الدعاوى، إن شاء الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015