جحد الإيداع في الأصل مناقضٌ دعوى التلف؛ فإن من ضرورة التلف تحت يده جريان الإيداع.
ولو أراد أن يقيم بينة على تلف الوديعة قبل الجحد، فقد ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أن البينة لا تسمع [فإن] (?) شرط سماعها ترتيبها على دعوى صحيحة ودعواه التلف تناقض جحدَه الإيداع، وإذا بطلت دعواه، لم تصادف البينةُ مستنداً صحيحاً.
والوجه الثاني - أن البينة مسموعة؛ فإنه رجع عن جحده، وكذّب نفسَه فيه، وأنشأ الآن قولاً ممكناً، والدعوى قولٌ ممكن، فإذا اعتضدت [بالبينة] (?)، ثبت المقصود بها، وإنما لا تقبل البينة إذا كان قول [مقيمها] (?) عند إقامتها يناقضها.
والضبط [في] (?) ذلك أن قول المقيم إن ناقض البينة لدى الإقامة، والبينةُ مفتقرة إلى الدعوى، فهي غير مسموعة، وإن سبق قولٌ يناقض ورجع [عنه] (?) القائل وكذب نفسه فيه، وأقام على وَفق القول الثاني بينةً، ففي قبول البينة خلاف وتردد.
وهذا يقرب من أصلٍ نشير إليه [ونفرضه] (?) متصلاً بما نحن فيه، فنقول: إذا جحد الإيداع، ثم ادعى التلف قبل الجحد، ولم يجد بينة، ولم نحلِّفه بجحده السابق، فلو قال لمالك الوديعة: احلف بالله لا تعلم تلف الوديعة قبل جحدي، فهل له أن يحلّفه؟ فيه تردد للأصحاب. وظاهر المذهب أنه [يحلِّفه] (?). ولو أقام بينة قبل منه، ولو ادعى ردَّ الوديعة قبل الجحد، فهو كما لو ادعى تلفها، ولو جحد، ثم اعترف، وقال: تلفت الوديعة بعد جحدي، فالضمان ثابت عليه، فإنه صار بالجحد غاصباً، وانقلبت الوديعة مضمونة، فلو تحقق التلف، لكان على حكم الضمان.
ولو ادعى الرجل على رجل وديعة، فقال المدّعى عليه: مالكَ عندي شيء، ثم