ثم إذا منعناهم من التصرف في ثلثي العبد، فهل ينفذ تصرفات الموصى له في الثلث الذي صرفناه إليه في الحال؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه ينفذ تصرفه فيه؛ فإنه يسلم له ثلث العبد على كل حال، فلا شيء يتوقع مما ينقص هذا الثلث، وليس كذلك الورثة؛ فإنا [إنما] (?) منعناهم عن ثلثي العبد، حتى تصل إليهم التركة.
والوجه الثاني - أنه لا ينفذ تصرف الموصى له في الثلث رعاية للتسوية بين الورثة وبين الموصى له؛ إذ يبعد أن لا يسلم للورثة شيء ولا ينفذ تصرفهم، وينفذ تصرف الموصى له.
وناصر الوجه الأول يقول: إذا كان لا يطمع الورثة في ثبوت حق لهم في الثلث، فلا معنى للحجر على الموصى له فيه، وهو يتعين لاستحقاقه لا محالة، ثم إن لم يتصرف الورثة، فسببه بيّن، وعلته ظاهرة، والضرورة في أطراف المسائل تؤدي إلى أمثال هذا.
7632 - وهذا الفصل لا يشفي ما لم نفصل القول في الغيبة: فإن كان المال الغائب بحيث يعسر الوصول إليه لخوفٍ، أو لسبب من أسباب الحيلولة، فيظهر فرض المسألة التي ذكرناها هاهنا، ولا يجوز بيع مثل هذا المال؛ فإنه غير مقدور عليه، إلا أن يفرض بيعُه ممن يقدر عليه.
فأما إذا كان المال غائباً والطرق آمنة، وكان الوصول إليه في العرف يُعدّ [متيسراً] (?)، وقد جرت الوصية بالعبد الحاضر، فقد رأيت في كلام الأئمة تردّداً في أن هذه الغيبة هل تعد حيلولة مع إمكان التصرف في المال أم لا؟ وبنَوْا على هذا التردّد اختلافاً في أنه هل يجب إخراج الزكاة عنه، مع وجوبها فيه، وهذا القدر لا يُلحق المال بالمجحود والمغصوب حتى يَخْرجَ في أصل وجوب الزكاة قولان، ولكن إذا وجبت هل يجب تنجيز الإخراج؟ فيه الخلاف الذي أشرنا إليه، فإن أوجبنا