والوجه الثاني - أن الوصية المطلقة محمولة على إحجاج قاصدٍ من دويرة الموصي؛ إذ هذا هو العرف الغالب، وهو المفهوم من الحج المطلق، فإذا أراد مريدٌ الحجَّ الميقاتي، قيده بذلك. والعرف إذا اقترن باللفظ، كان اللفظ محمولاً على موجب العرف، فإذا تبين ذلك، فلو قال في حجة الإسلام: أحجوا عني رجلاً من ثلثي، فالحج من الميقات مردودٌ إلى الثلث لغرض المزاحمة، وهل يتضمن الأمر بالإحجاج ترشيحَ قاصدٍ من دويرة الموصي؟ اختلف أصحابنا في ذلك أخذاً من الوصية المطلقة [بحج] (?) التطوع، فمنهم من قال: لا يُحَج عنه إلا من الميقات، والمزاحمة تقع بالحجة الميقاتية، ومنهم من قال: ذكْر الحج في محل الوصايا يتضمن أن نرشح عنه قاصداً من دويرته.
وكان شيخي يقول: الأمر المطلق بالحج والحج ركنٌ لا يتضمن [الإحجاج] (?) من دويرته، والأمر على ما قال.
وقال الأصحاب كافة: إذا فرعنا على أن حج التطوع مقدم على الوصايا، فهذا [فيه] (?) إذا كان المبذول للأجير مقدارَ أجر مثله، فإن كان بذل له الموصي أكثرَ من أجر مثله، فتلك الزيادة الموصى بها لا تقدم على الوصايا قولاً واحداً؛ فإن سبب التقديم في الحج قوةُ الحج، أو شرفه، أو ما يرى (?)، وهذا يختص بالحج، فإذا فرضتَ نِحْلة ومزيداً (?) في الأجرة، فذلك الزائد كالوصايا.
وذكر شيخي أبو محمد أن من أصحابنا من رأى تقديم الزائد على أجر المثل في الحج على الوصايا إذا وقع التفريع على تقديم الحج؛ فإن (?) ما يثبت عوضاً في الحج يتبعه في مقتضاه، ويكتسب حكمه. وهذا بعيدٌ، لم أره إلا له.