فإذا استجمع الكامل شرائط الاستطاعة، والتزم حجةَ الإسلام، ومات فتحصيل الحج دين من رأس التركة، أوصى به أو لم يوصِ. وقال أبو حنيفة (?): إذا مات ولم يوص، لم يحج عنه، وطرد هذا في الزكوات المستقرة في حالة الحياة، فقال: إذا مات من تجمعت عليه الزكاة، ولم يوصِ بأدائها، لم تُخرج من ماله، وإن لقي الله عاصياً، وإن أوصى بإخراجها، أُخرجت من ثُلثه إن وفّى بها.

وكان شيخنا أبو محمد رحمة الله عليه يحكي هذا قولاً قديماً للشافعي رضي الله عنه، ولم يتعرض لحكاية هذا أحد من الأئمة الذين يبعد أن يشذ [عنهم] (?) قريب وبعيد.

ثم معتمد أبي حنيفة رحمة الله عليه افتقارُ الزكاة إلى النية، ثم إن صدرت النية من ملتزم الزكاة، فذاك، وإلا (?) قامت نية من يستنيبه مقامَ نيته، فإذا مات، فقد فات صدَرُ (?) النية منه، ولم يوص، فتقوم نية وصيِّه ومأموره مقام نيته.

وهذا لا يستقيم على أصلنا مع مصيرنا إلى أن السلطان يأخذ زكوات الممتنعين، كما صح ذلك في سيرة الصديق رضي الله عنه، وإنما تردد أصحابنا في أن السلطان إذا أخذ الزكاة قهراً، وسقطت طَلِبتُه، فهل تسقط الزكاة عمن عليه باطناً بينه وبين الله تعالى؟ فيه اختلاف ذكرناه في موضعه من الزكاة. ثم كنا نقول في مراجعة شيخنا أبي محمد: القياس إن لم يكن من هذا القول [بُدّ] (?) أن يقال: إذا أوصى، فالزكاة محسوبة من رأس المال؛ فإن متعلق هذا المذهب [تعذّرُ] (?) النية وسقوطُ الزكاة بتعذرها، فإذا جرت الوصاية، فقد أمكنت النية على طريق النيابة، فليؤدِّ الزكاة ديناً، فكان يأبى هذا ويقول: "القول القديم مثلُ مذهب أبي حنيفة، فالزكاة تسقط إذا لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015