فإن قيل: اسم الرقاب يتناول المكاتبين والأرقاء، فلِمَ يتعين في الوصية الحمل على المكاتبين؟ قلنا: رأى العلماءُ لفظَ الرقاب لفظاً عاماً في اللغة، خاصاً في عرف الشريعة، فغلّبوا [اللفظ] (?) الشرعي، كما غلبوا لفظ الصوم، والصلاة، والحج، فإنها إذا جرت في وصيةٍ، أو نذر، أو يمين، كانت محمولةً على عرف الشرع، فكذلك القول في الرقاب.
ثم إذا قال: ضعوا ثلث مالي في الرقاب، فلا بد من وضعه في ثلاثة من المكاتبين فصاعداً، والاقتصار على الثلاثة جائز، والزيادة حسنة جائزة، والنقصان ممتنع، وكذلك الوصية للفقراء والمساكين، وما في معانيهم.
والقول الضابط [فيه] (?) أنه إذا أوصى لأشخاصٍ، تعيّن استيعابهم، ثم إذا كانت الوصية مطلقةً، يجب صرف الموصى به إلى جميعهم بالسوية من غير تفصيل، وإذا أوصى بشيء لموصوفين لا [حصر] (?) لهم، وكانت الصفات فيهم عوارض لا تلزم، كالفقر، والمسكنة، والغُرم، والكتابة، فهذه الوصية مستقلّة بأقلّ الجمع، ولا نقصان من الأقل، وأقل الجمع في وضع الشرع ثلاثة، ويجوز الازدياد على الأقل إلى غير نهاية، والأمر مفوض إلى رأي الوصي إذا كانت الوصية مطلقة. وفي حكم هذا القسم جواز تفضيل [البعض] (?) على البعض، حتى لو رأى الصرف إلى ثلاثة، فصرف المعظم إلى واحد منهم، وصرف إلى كل واحد من الباقين مقداراً نزراً، جاز ذلك، على ما سيأتي تقرير هذا في قَسْم الصدقات، إن شاء الله عز وجل.
7435 - ولو أوصى لأقوامٍ يبعد عن الإمكان حصرهم، وكانوا موصوفين بصفات ملازمة لهم، لا تحل محل العوارض التي يفرض طريانُها وزوالُها، وهذا بمثابة الوصية للعلويّة، فأنسابهم في حكم الصفات اللازمة، وحصرهم غير ممكن، ففي