فهكذا كان الأشعري والباقلاني من قبل، وكذلك كان الغزالي والرازي والآمدي وغيرهم من بعد.
وربما أغناه عن العناية بالحديث رجال نذروا أنفسهم لخدمته، وهيأهم الله لذلك، وخصوصاً من الشافعية، وكل ميسر لما خلق له.
وقد كان في عصر إمام الحرمين من هؤلاء أمثال الحافظ المتقن الكبير، أبي بكر البيهقي (ت 458 هـ) صاحب (السنن الكبرى) و (معرفهّ السنن والآثار) و (جامع شعب الإيمان) وغيرها من الموسوعات، والذي قال فيه إمام الحرمين نفسه: "ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة، إلا البيهقي؛ فإنه له على الشافعي منة، لتصانيفه في نصرته لمذهبه وأقاويله" (?).
إمام الحرمين ومعاصروه:
عاصر إمام الحرمين علماء كبار كثيرون من مختلف المذاهب، فقد كان القرن الخامس الهجري، حافلاً بالنوابغ في مختلف أنواع العلوم والدراسات الإسلامية، في المشرق والمغرب (الأندلس).
ففي المغرب كان ابن حزم الظاهري (456 هـ) وابن عبد البر المالكي (463 هـ) وفي المشرق ظهر القاضي أبو الطيب الطبري في الفقه (448 هـ) وكما ظهر البيهقي في الحديث (458 هـ) والخطيب البغدادي (463 هـ) وكلهم شافعية.
ونبغ في الفقه والنظر: أبو إسحاق الشيرازي (456 هـ).
وأبرز من يقارن بإمام الحرمين في الفقه هو: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي (ت 450 هـ) وهو شافعي كإمام الحرمين، وكلاهما له كتاب كبير في الفقه: ألف